للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْإِيصَالِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ» وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ مِنْ أَجْلِ ابْنِ لَهِيعَةَ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: " فِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ ".

وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَحْوَهُ، وَفِيهِ أَيْضًا ابْنُ لَهِيعَةَ وَرَوَى نَحْوَ ذَلِكَ ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ عَنْ عُثْمَانَ، وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ

قَوْلُهُ: (عَقْلُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ) أَيْ دِيَةُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْكَافِرِ الذِّمِّيِّ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَالنَّاصِرُ إلَى أَنَّ دِيَةَ الْكَافِرِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَاَلَّذِي فِي مِنْهَاجِ النَّوَوِيِّ أَنَّ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَدِيَةَ الْمَجُوسِيِّ ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ قَالَ شَارِحُهُ الْمَحَلِّيُّ: أَنَّهُ قَالَ بِالْأَوَّلِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ، وَبِالثَّانِي عُمَرُ وَعُثْمَانُ أَيْضًا وَابْنُ مَسْعُودٍ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ: وَكَذَا وَثَنِيٌّ لَهُ أَمَانٌ يَعْنِي أَنَّ دِيَتَهُ دِيَةُ مَجُوسِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْإِسْلَامُ إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ فَدِيَتُهُ دِيَةُ دِينِهِ وَإِلَّا فَكَمَجُوسِيٍّ، وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالْقَاسِمِيَّةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ كَالذِّمِّيِّ، وَعَنْ النَّاصِرِ وَالْإِمَامِ يَحْيَى وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ أَنَّهَا ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ

وَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْقَاسِمِيَّةُ إلَى أَنَّ دِيَةَ الذِّمِّيِّ كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ دِيَتَهُ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ إنْ قُتِلَ عَمْدًا وَإِلَّا فَنِصْفُ دِيَةٍ. احْتَجَّ مَنْ قَالَ: إنَّ دِيَتَهُ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ بِفِعْلِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ مِنْ عَدَمِ رَفْعِ دِيَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَنَّهَا كَانَتْ فِي عَصْرِهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَدِيَةُ الْمُسْلِمِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ فِعْلَ عُمَرَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى فَرْضِ عَدَمِ مُعَارَضَتِهِ لِمَا ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَيْف وَهُوَ هُنَا مُعَارِضٌ لِلثَّابِتِ قَوْلًا وَفِعْلًا. وَتَمَسَّكُوا فِي جَعْلِ دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ ثُلُثَيْ عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ بِفِعْلِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ. وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ وَيُمْكِنُ الِاحْتِجَاجُ لَهُمْ بِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّهُ مُوَافِقٌ لِفِعْلِ عُمَرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ هُوَ ثُلُثَا عُشْرِ الدِّيَةِ إذْ هِيَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَعُشْرُهَا اثْنَا عَشَرَ مِائَةٍ، وَثُلُثَا عُشْرِهَا ثَمَانُمِائَةٍ

وَيُجَابُ بِأَنَّ إسْنَادَهُ ضَعِيفٌ كَمَا أَسَلَفْنَا فَلَا يَقُومُ بِمِثْلِهِ حُجَّةٌ. لَا يُقَالُ: إنَّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ حَيْثُ الْبَابُ بِلَفْظِ: " قَضَى أَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ. . . إلَخْ " مُقَيَّدَةٌ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى مِنْهُ مُطْلَقَةٌ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ دِيَةُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى دُون الْمَجُوسِ

لِأَنَّا نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ صَلَاحِيَةَ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لِلتَّقْيِيدِ وَلَا لِلتَّخْصِيصِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ التَّنْصِيصِ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِ الْمُطْلَقِ أَوْ الْعَامِّ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَكُون مُقَيِّدًا لِغَيْرِهِ وَلَا مُخَصِّصًا لَهُ، وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ غَايَةَ مَا فِي قَوْلِهِ عَقْلُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>