للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

فَتُلْقِي جَنِينَهَا وَهَذَا التَّفْسِيرُ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ إنَّ الْإِمْلَاصَ أَنْ تُزْلِقَهُ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ أَيْ قَبْلَ حِينِ الْوِلَادَةِ، هَكَذَا نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ عَنْ ابْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْغَرِيبِ لَهُ. وَقَالَ الْخَلِيلُ: أَمْلَصَتْ النَّاقَةُ إذَا رَمَتْ وَلَدَهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ: أَمْلَصَتْ الْحَامِلُ أَلْقَتْ وَلَدَهَا. وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِلَاصٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ كَأَنَّهُ اسْمُ فِعْلٍ الْوَلَدُ فَحُذِفَ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ مَقَامَهُ أَوْ اسْمٌ لِتِلْكَ الْوِلَادَةِ كَالْخِدَاجِ. وَرَوَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ هِشَامٍ أَنَّهُ قَالَ: الْمِلَاصُ: الْجَنِينُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْبَارِع: الْإِمْلَاصُ: الْإِسْقَاطُ

قَوْلُهُ: (فَشَهِدَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةُ) زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَةٍ " فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةُ فَشَهِدَ لَهُ " وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلْمُغِيرَةِ: لَا نَبْرَحُ حَتَّى تَجِيءَ بِالْمَخْرَجِ مِمَّا قُلْتَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَوَجَدْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةُ فَجِئْتُ بِهِ فَشَهِدَ مَعِي أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهِ. قَوْلُهُ: (فُسْطَاطٍ) هُوَ الْخَيْمَةُ. قَوْلُهُ: (فَقَضَى فِيهَا عَلَى عَصَبَةِ الْقَاتِلَةِ) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ: " وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا " وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ أَيْضًا: " فَقَضَى عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالدِّيَةِ " وَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ يُخَالِفُ مَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ حَيْثُ قَالَ: " ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَة الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ " وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ نِسْبَةَ الْقَضَاءِ إلَى كَوْنِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا هِيَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهَا بِالْجِنَايَةِ فِي الْأَصْلِ فَلَا يُنَافِي ذَلِكَ الْحُكْمَ عَلَى عَصَبَتهَا بِالدِّيَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَاقِلَةِ الْمَذْكُورَةِ هِيَ الْعَصَبَةُ وَهُمْ مَنْ عَدَا الْوَلَدِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ

وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ فَقَالَ أَبُوهَا: «إنَّمَا يَعْقِلُهَا أَبُوهَا، فَاخْتَصَمُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: الدِّيَةُ عَلَى الْعَصَبَةِ» وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةِ الْمَذْكُورِ: «فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِزَوْجِهَا وَبَنِيهَا وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا» ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَضَمَانِهَا لِدِيَةِ الْخَطَإِ فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ وَمَا تَحْمِلهُ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنَّ دِيَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ، وَسَيَأْتِي تَكْمِيلُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ: أَيْ يُبْطَلُ وَيُهْدَرُ يُقَالُ: طُلَّ الْقَتْلُ يُطَلُّ فَهُوَ مَطْلُولٌ، وَرُوِيَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ مِنْ الْبُطْلَانِ

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: سَجْعٌ مِثْلُ سَجْعِ الْأَعْرَابِ) اُسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى ذَمِّ السَّجْعِ فِي الْكَلَامِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إذَا كَانَ ظَاهِرَ التَّكَلُّفِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مُنْسَجِمًا لَكِنَّهُ فِي إبْطَالِ حَقٍّ أَوْ تَحْقِيقِ بَاطِلٍ، فَأَمَّا لَوْ كَانَ مُنْسَجِمًا وَهُوَ حَقٌّ أَوْ فِي مُبَاحٍ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ رُبَّمَا كَانَ فِي بَعْضِهِ مَا يُسْتَحَبُّ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إذْعَانُ مُخَالِفٍ لِلطَّاعَةِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ قَالَ الْحَافِظُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الَّذِي جَاءَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدٍ إلَى التَّسْجِيعِ وَإِنَّمَا جَاءَ اتِّفَاقًا لِعِظَمِ بَلَاغَتِهِ، وَأَمَّا مَنْ بَعْدَهُ فَقَدْ يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ يَكُونُ عَنْ قَصْدٍ وَهُوَ الْغَالِبُ، وَمَرَاتِبُهُمْ فِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>