للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣١٥٥ - (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: تَعَافَوْا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأَبُو دَاوُد) .

٣١٥٦ - (وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إلَّا الْحُدُودَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .

٣١٥٧ - (وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ لَقِيَ رَجُلًا قَدْ

ــ

[نيل الأوطار]

حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيِّ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ شَامِيٌّ انْتَهَى. وَقَالَ النَّسَائِيّ: الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ النَّسَائِيّ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ احْسِمُوهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَسْمَ وَاجِبٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْكَيُّ بِالنَّارِ: أَيْ يُكْوَى مَحَلُّ الْقَطْعِ لِيَنْقَطِعَ الدَّمُ؛ لِأَنَّ مَنَافِذَ الدَّمِ تَنْسَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا اسْتَرْسَلَ الدَّمُ فَيُؤَدِّي إلَى التَّلَفِ.

وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ إذَا كَرِهَ السَّارِقُ الْحَسْمَ لَمْ يُحْسَمْ لَهُ وَجَعَلَهُ مَنْدُوبًا فَقَطْ مَعَ رِضَاهُ، وَفِي كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ نَظَرٌ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ تَرْكَ الْحَسْمِ إذَا كَانَ مُؤَدِّيًا إلَى التَّلَفِ وَجَبَ عَلَيْنَا عَدَمُ الْإِجَابَةِ لَهُ إلَى مَا يُؤَدِّي إلَى تَلَفِهِ وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ الْوُجُوبُ لِكَوْنِهِ أَمْرًا وَلَا صَارِفَ لَهُ عَنْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ وَلَا سِيَّمَا مَعَ كَوْنِهِ يُؤَدِّي التَّرْكُ إلَى التَّلَفِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَاجِبًا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَثَمَنُ الدُّهْنِ وَأُجْرَةُ الْقَطْعِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ مِنْ مَالِ السَّارِقِ، فَإِنْ اخْتَارَ أَنْ يَقْطَعَ نَفْسَهُ فَوَجْهَانِ. قَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى: لَا يُمْكِنُ كَالْقِصَاصِ وَسَائِرِ الْحُدُودِ، وَقِيلَ: يُمْكِنُ لِحُصُولِ الزَّجْرِ انْتَهَى.

قَوْلُهُ: (فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَعْلِيقِ يَدِ السَّارِقِ فِي عُنُقِهِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مِنْ الزَّجْرِ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ فَإِنَّ السَّارِقَ يَنْظُرُ إلَيْهَا مَقْطُوعَةً مُعَلَّقَةً فَيَتَذَكَّرُ السَّبَبَ لِذَلِكَ وَمَا جَرَّ إلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرُ مِنْ الْخَسَارِ بِمُفَارَقَةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ النَّفِيسِ، وَكَذَلِكَ الْغَيْرُ يَحْصُلُ لَهُ بِمُشَاهَدَةِ الْيَدِ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ مِنْ الِانْزِجَارِ مَا تَنْقَطِعُ بِهِ وَسَاوِسُهُ الرَّدِيئَةُ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَطَعَ سَارِقًا، فَمَرُّوا بِهِ وَيَدُهُ مُعَلَّقَةٌ فِي عُنُقِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>