للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ سُكْرٌ أَوْ رِيحُ خَمْرٍ وَلَمْ يَعْتَرِفْ

ــ

[نيل الأوطار]

وَهُوَ غُلَامٌ يَدْعُو لَهُ، وَذُكِرَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ إذَا ذُكِرَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ قَالَ: كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأَمَّا أَبُوهُ ذُؤَيْبُ بْنُ حَلْحَلَةَ فَلَهُ صُحْبَةٌ انْتَهَى. وَرِجَالُ الْحَدِيثِ مَعَ إرْسَالِهِ ثِقَاتٌ. وَأَعَلَّهُ الطَّحَاوِيُّ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ الزُّهْرِيَّ رَاوِيَهُ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ قَبِيصَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ، وَعُورِضَ بِأَنَّهُ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ قَبِيصَةَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَلَّغَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيُونُسُ أَحْفَظُ لِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ الْأَوْزَاعِيِّ.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ مِثْلَهُ.

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَدْ قَدَّمْنَا مَنْ أَخْرَجَهُ وَمَنْ صَحَّحَهُ، وَفِي الْبَابِ عَنْ الشَّرِيدِ بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْأَرْبَعَةِ وَالدَّارِمِيِّ وَالطَّبَرَانِيِّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَعَنْ شُرَحْبِيلَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَابْنِ مَنْدَهْ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَعَنْ أَبِي الرَّمْدَاءِ بِرَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمِيمٍ سَاكِنَةٍ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ، وَبِالْمَدِّ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَابْنِ مَنْدَهْ، وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ وَفِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ وَأَنَّهُ ضُرِبَ عُنُقُهُ» فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا كَانَ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْمَلْ بِهِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ يُقْتَلُ الشَّارِبُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ أَوْ لَا؟ فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ إلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ وَنَصَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَاحْتَجَّ لَهُ وَدَفَعَ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ الْقَتْلِ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عَمْرٍو.

وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الشَّارِبُ وَأَنَّ الْقَتْلَ مَنْسُوخٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْقَتْلُ مَنْسُوخٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ يَعْنِي حَدِيثَ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: قَدْ يَرِدُ الْأَمْرُ بِالْوَعِيدِ وَلَا يُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الرَّدْعُ وَالتَّحْذِيرُ. وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ فِي الْخَامِسَةِ وَاجِبًا ثُمَّ نُسِخَ بِحُصُولِ الْإِجْمَاعِ مِنْ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ انْتَهَى. وَحَكَى الْمُنْذِرِيُّ: عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ قَالَ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ إلَّا طَائِفَةً شَاذَّةً قَالَتْ: يُقْتَلُ بَعْدَ حَدِّهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ لِلْحَدِيثِ وَهُوَ عِنْدَ الْكَافَّةِ مَنْسُوخٌ. اهـ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: إنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ، وَذَكَرَ أَيْضًا فِي آخِرِ كِتَابِهِ الْجَامِعِ فِي الْعِلَلِ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِيهِ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَ الْبَعْضِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَّا حَدِيثَ " إذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ " الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ. وَحَدِيثَ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ. وَقَدْ احْتَجَّ مَنْ أَثْبَتَ الْقَتْلَ بِأَنَّ حَدِيثَ مُعَاوِيَةَ الْمَذْكُورَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِعَدَمِ الْقَتْلِ، لِأَنَّ إسْلَامَ مُعَاوِيَةَ مُتَأَخِّرٌ. وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ تَأَخُّرَ إسْلَامِ الرَّاوِي لَا يَسْتَلْزِمُ تَأَخُّرَ الْمَرْوِيِّ لِجَوَازِ أَنْ يَرْوِي ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ الْمُتَقَدِّمِ إسْلَامُهُمْ عَلَى إسْلَامِهِ.

وَأَيْضًا قَدْ أَخْرَجَ الْخَطِيبُ فِي الْمُبْهَمَاتِ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ قَبِيصَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ السَّابِقِ: «فَأُتِيَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ نُعَيْمَانُ فَضَرَبَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَرَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْقَتْلَ قَدْ أُخِّرَ» .

وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>