للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

مِنْهُمْ مَنْ غَلَا فِي مُعْتَقَدِهِمْ الْفَاسِدِ فَأَنْكَرَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ.

وَقَالَ: الْوَاجِبُ صَلَاةٌ بِالْغَدَاةِ، وَصَلَاةٌ بِالْعَشِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ نِكَاحَ بِنْتِ الِابْنِ وَبِنْتِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ سُورَةُ يُوسُفَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَأَنَّ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ وَلَوْ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ بِقَلْبِهِ. وَقَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي الْمَقَالَاتِ عِدَّةُ فِرَقِ وَالْخَوَارِجُ عِشْرُونَ فِرْقَةً. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: أَسْوَءُهُمْ حَالًا الْغُلَاةُ الْمَذْكُورُونَ، وَأَقْرَبُهُمْ إلَى قَوْلِ الْحَقِّ الْإِبَاضِيَّةُ، وَقَدْ بَقِيَتْ مِنْهُمْ بَقِيَّةٌ بِالْمَغْرِبِ. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ: فِي حُكْمِ الْخَوَارِجِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ أَهْلِ الرِّدَّةِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَحُكْمِ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَرَجَّحَ الرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَيْسَ الَّذِي قَالَهُ مُطَّرِدًا فِي كُلِّ خَارِجِيٍّ فَإِنَّهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَالثَّانِي: مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ لَا لِلِادِّعَاءِ إلَى مُعْتَقَدِهِ، وَهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ أَيْضًا: قِسْمٌ خَرَجُوا غَضَبًا لِلدِّينِ مِنْ أَجْلِ جَوْرِ الْوُلَاةِ وَتَرْكِ عَمَلِهِمْ بِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ؛ فَهَؤُلَاءِ أَهْلُ حَقٍّ، وَمِنْهُمْ: الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي وَقْعَةِ الْحَرَّةِ، وَالْقُرَّاءُ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى الْحَجَّاجِ. وَقِسْمٌ خَرَجُوا لِطَلَبِ الْمُلْكِ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ شُبْهَةٌ أَوْ لَا وَهُمْ الْبُغَاةُ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ حُكْمِهِمْ. قَوْلُهُ: (فِي آخِرِ الزَّمَانِ) ظَاهِرُ هَذَا يُخَالِفُ مَا بَعْدَهُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ مِنْ خُرُوجِهِمْ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ. وَأَجَابَ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّ الْمُرَادَ زَمَانُ الصَّحَابَةِ قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ آخِرَ زَمَانِ الصَّحَابَةِ كَانَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ، وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَكْثَرِ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِآخِرِ الزَّمَانِ زَمَانُ خِلَافَةِ النُّبُوَّةِ لِمَا فِي حَدِيثِ سَفِينَةَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَنِ وَابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مَرْفُوعًا: «الْخِلَافَةُ بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ تَصِيرُ مُلْكًا» وَكَانَتْ قِصَّةُ الْخَوَارِجِ وَقَتْلُهُمْ بِالنَّهْرَوَانِ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عَلِيٍّ سَنَةَ ثَمَانِي وَثَلَاثِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ وَبَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدُونِ ثَلَاثِينَ سَنَةً.

قَوْلُهُ: (حِدَاثُ الْأَسْنَانِ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ دَالٍ مُهْمَلَةٍ أَيْضًا ثُمَّ بَعْدَ الْأَلِفِ مُثَلَّثَةٌ جَمْعُ حَدَثٍ بِفَتْحَتَيْنِ، وَالْحَدَثُ: هُوَ الصَّغِيرُ السِّنِّ هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَفِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ حُدَّاثٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، قَالَ فِي الْمَطَالِعِ مَعْنَاهُ شَبَابٌ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: حِدَاثٌ جَمْعُ حَدِيثٍ مِثْلُ كِرَامٌ جَمْعُ كَرِيمٍ، وَكِبَارٌ جَمْعُ كَبِيرٍ وَالْحَدِيثُ: الْجَدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَيُطْلَقُ عَلَى الصَّغِيرِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. قَوْلُهُ: (سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ) جَمْعُ حِلْمٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَقْلُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ عُقُولَهُمْ رَدِيئَةٌ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ التَّثَبُّتَ وَقُوَّةَ الْبَصِيرَةِ تَكُونُ عِنْدَ كَمَالِ السِّنِّ وَكَثْرَةِ التَّجَارِبِ وَقُوَّةِ الْعَقْلِ. قَوْلُهُ: (يَقُولُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ) قِيلَ: هُوَ الْقُرْآنُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ: أَيْ الْقَوْلِ الْحَسَنَ فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنُ عَلَى خِلَافِهِ كَقَوْلِهِمْ: لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ. قَوْلُهُ: (لَا يُجَاوِزُ إيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ) الْحَنَاجِرُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ ثُمَّ الْجِيمِ جَمْعُ حَنْجَرَةٍ بِوَزْنِ قَسْوَرَةٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>