للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

إلَى عَسْكَرِهِمْ فَإِذَا لَهُ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَإِذَا فِيهِمْ أَصْحَابُ الْبَرَانِسِ: يَعْنِي الَّذِينَ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِالزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ، قَالَ: فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ شِدَّةٌ، فَنَزَلْت عَنْ فَرَسِي وَقُمْت أُصَلِّي، وَقُلْت: اللَّهُمَّ إنْ كَانَ فِي قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَك طَاعَةٌ فَأْذَنْ لِي فِيهِ، فَمَرَّ بِي عَلِيٌّ، فَقَالَ لَمَّا حَاذَانِي: تَعَوَّذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّكِّ يَا جُنْدُبُ، فَلَمَّا جِئْته أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَى بِرْذَوْنٍ يَقُولُ: إنْ كَانَ لَك بِالْقَوْمِ حَاجَةٌ فَإِنَّهُمْ قَدْ قَطَعُوا النَّهْرَ، قَالَ: مَا قَطَعُوهُ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ كَذَلِكَ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ كَذَلِكَ، قَالَ: لَا مَا قَطَعُوهُ وَلَا يَقْطَعُونَهُ، وَلَيُقْتَلُنَّ مِنْ دُونِهِ عَهْدٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قُلْت: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ رَكِبْنَا فَسَايَرْته فَقَالَ لِي: سَأَبْعَثُ إلَيْهِمْ رَجُلًا يَقْرَأُ الْمُصْحَفَ يَدْعُوهُمْ إلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ فَلَا يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ حَتَّى يَرْشُقُوهُ بِالنَّبْلِ وَلَا يُقْتَلُ مِنَّا عَشَرَةٌ وَلَا يَنْجُو مِنْهُمْ عَشَرَةٌ. قَالَ: فَانْتَهَيْنَا إلَى الْقَوْمِ فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ رَجُلًا فَرَمَاهُ إنْسَانٌ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَعَدَ. وَقَالَ عَلِيٌّ: دُونَكُمْ الْقَوْمَ، فَمَا قُتِلَ مِنَّا عَشَرَةٌ وَلَا نَجَا مِنْهُمْ عَشَرَةٌ ".

وَأَخْرَجَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ هِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ: لَحِقْت بِأَهْلِ النَّهْرَوَانُ مَعَ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ أَسِيرًا إذْ أَتَيْنَا عَلَى قَرْيَةٍ بَيْنَنَا نَهْرٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْ الْقَرْيَةِ مُرَوَّعًا فَقَالُوا لَهُ: لَا رَوْعَ عَلَيْك، وَقَطَعُوا إلَيْهِ النَّهْرَ فَقَالُوا: أَنْتَ ابْنُ خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ صَاحِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: نَعَمْ قَالُوا: فَحَدِّثْنَا عَنْ أَبِيك، فَحَدَّثَهُمْ بِحَدِيثِ «تَكُونُ فِتْنَةٌ فَإِنْ اسْتَطَعْت أَنْ تَكُونَ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ فَكُنْ» فَقَدَّمُوهُ فَضَرَبُوا عُنُقَهُ ثُمَّ دَعَوْا سُرِّيَّتَهُ وَهِيَ حُبْلَى فَبَقَرُوا عَمَّا فِي بَطْنِهَا. وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ لِأَصْحَابِهِ: لَا تَبْدَءُوهُمْ بِقِتَالٍ حَتَّى يُحْدِثُوا حَدَثًا، قَالَ: فَمَرَّ بِهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابُ فَذَكَرَ قَتْلَهُمْ لَهُ وَلِجَارِيَتِهِ وَأَنَّهُمْ بَقَرُوا بَطْنَهَا، وَكَانُوا مَرُّوا عَلَى سَاقِيَةٍ فَأَخَذَ وَاحِدٌ مِنْهَا تَمْرَةً فَوَضَعَهَا فِي فِيهِ، فَقَالُوا: لَهُ تَمْرَةُ مُعَاهَدٍ فَبِمَ اسْتَحْلَلْتهَا؟ فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابُ: أَنَا أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنْ هَذِهِ التَّمْرَةِ، فَأَخَذُوهُ فَذَبَحُوهُ فَبَلَغَ عَلِيًّا، فَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ: أَقِيدُونَا بِقَاتِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابُ، فَقَالُوا: كُلُّنَا قَتَلَهُ، فَأَذِنَ حِينَئِذٍ فِي قِتَالِهِمْ

وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَلِيًّا سَارَ إلَيْهِمْ حَتَّى إذَا كَانَ حِذَاءَهُمْ عَلَى شَطِّ النَّهْرَوَانُ أَرْسَلَ يُنَاشِدُهُمْ فَلَمْ تَزَلْ رُسُلُهُ تَخْتَلِفُ إلَيْهِمْ حَتَّى قَتَلُوا رَسُولَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَهَضَ إلَيْهِمْ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قِصَّةٌ أُخْرَى تَتَعَلَّقُ بِالْخَوَارِجِ فِيهَا مَا يُخَالِفُ مَا أَسْلَفْنَا فِي أَوَّلِ الْبَابِ، أَخْرَجَ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ «جَاءَ أَبُو بَكْرٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي مَرَرْت بَوَادِي كَذَا، فَإِذَا رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ مُتَخَشِّعٌ يُصَلِّي فِيهِ، فَقَالَ اذْهَبْ إلَيْهِ فَاقْتُلْهُ، قَالَ: فَذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا رَآهُ يُصَلِّي كَرِهَ أَنْ يَقْتُلَهُ، فَرَجَعَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُمَرَ: اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ، فَرَآهُ يُصَلِّي عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ فَرَجَعَ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>