بَابُ قَتْلِ مَنْ صَرَّحَ بِسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ مَنْ عَرَّضَ
٣٢١٢ - (عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ يَهُودِيَّةً كَانَتْ تَشْتُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَقَعُ فِيهِ، فَخَنَقَهَا رَجُلٌ حَتَّى مَاتَتْ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذِمَّتَهَا» .
ــ
[نيل الأوطار]
الْخَطُّ الَّذِي يَخُطُّهُ الْحَازِي. وَالْحَازِي بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ: هُوَ الْحَزَّاءُ، وَهُوَ الَّذِي يَنْظُرُ فِي الْمُغَيَّبَاتِ بِظَنِّهِ، فَيَأْتِي صَاحِبُ الْحَاجَةِ إلَى الْحَازِي فَيُعْطِيهِ حُلْوَانًا، فَيَقُولُ: اُقْعُدْ حَتَّى أَخُطَّ لَك، وَبَيْنَ يَدَيْ الْحَازِي غُلَامٌ لَهُ مَعَهُ مَثَلٌ ثُمَّ يَأْتِي إلَى أَرْضٍ رَخْوَةٍ فَيَخُطُّ فِيهَا خُطُوطًا كَثِيرَةً فِي أَرْبَعَةِ أَسْطُرٍ عَجِلًا، ثُمَّ يَمْحُو مِنْهَا عَلَى مَهَلٍ خَطَّيْنِ خَطَّيْنِ؛ فَإِنْ بَقِيَ خَطَّانِ فَهُوَ عَلَامَةُ النُّجْحِ، وَإِنْ بَقِيَ خَطٌّ وَاحِدٌ فَهُوَ عَلَامَةُ الْخَيْبَةِ. هَكَذَا فِي شَرْحِ السُّنَنِ لِابْنِ رَسْلَانَ. قَالَ: وَهَذَا عِلْمٌ مَعْرُوفٌ فِيهِ لِلنَّاسِ تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ، وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ إلَى الْآنَ، وَيَسْتَخْرِجُونَ بِهِ الضَّمِيرَ. وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: الْخَطُّ فِي الْحَدِيثِ هُوَ أَنْ يَخُطَّ ثَلَاثَةَ خُطُوطٍ ثُمَّ يَضْرِبُ عَلَيْهِنَّ وَيَقُولُ: يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ الْكِهَانَةِ
قَوْلُهُ: (كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ) قِيلَ: هُوَ إدْرِيسُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. حَكَى مَكِّيٌّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ كَانَ يَخُطُّ بِأُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى فِي الرَّمْلِ، ثُمَّ يَزْجُرُ. قَوْلُهُ: (فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ) بِنَصَبِ الطَّاءِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرٌ يَعُودُ إلَى لَفْظِ مَنْ، قَالَ الْخَطَّابِيِّ: هَذَا يَحْتَمِلُ الزَّجْرَ عَنْهُ إذْ كَانَ عَلَمًا لِنُبُوَّتِهِ، وَقَدْ انْقَطَعَتْ فَنُهِينَا عَنْ التَّعَاطِي لِذَلِكَ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: الْأَظْهَرُ مِنْ اللَّفْظِ خِلَافُ هَذَا، وَتَصْوِيبُ خَطِّ مَنْ يُوَافِقُ خَطَّهُ، لَكِنْ مِنْ أَيْنَ تُعْلَمُ الْمُوَافَقَةُ وَالشَّرْعُ مَنَعَ مِنْ ادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ جُمْلَةً، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: مَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ الَّذِي تَجِدُونَ إصَابَتَهُ لَا أَنَّهُ يُرِيدُ إبَاحَةَ ذَلِكَ لِفَاعِلِهِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ. اهـ. وَلَوْ قِيلَ: إنَّ قَوْلَهُ: فَذَاكَ، يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ لَكَانَ جَوَازُهُ مَشْرُوطًا بِالْمُوَافَقَةِ، وَلَا طَرِيقَ إلَيْهَا مُتَّصِلَةً بِذَلِكَ النَّبِيِّ؛ فَلَا يَجُوزُ التَّعَاطِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute