للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْمَنْفَعَةِ الِاضْطِرَابَ فِي إسْنَادِهِ. وَحَدِيثُ أَنَسٍ قَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ بَعْضُهَا يَشْهَدُ لِبَعْضٍ، وَقَدْ وَرَدَ فِي مَعْنَاهَا أَحَادِيثُ، مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ: أَنَّهُ «جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَارِيَةٍ لَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَيَّ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ أَفَأَعْتِقُ هَذِهِ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَتَشْهَدِينَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: أَتُؤْمِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: أَعْتِقْهَا» وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْد الثَّقَفِيِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِجَارِيَةٍ: مَنْ رَبُّك؟ قَالَتْ: اللَّهُ، قَالَ: فَمَنْ أَنَا؟ قَالَتْ: رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَمَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِجَارِيَةٍ أَرَادَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ أَنْ يُعْتِقَهَا عَنْ كَفَّارَةٍ: أَيْنَ اللَّهُ؟ فَقَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، فَقَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ أَعْتِقْهَا» وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ أَحَادِيثُ: «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» كَمَا فِي الْأُمَّهَاتِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ.

قَوْلُهُ: (ابْتَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ) أَيْ بَعَثَهُ اللَّهُ مِنْ بَيْتِهِ لِيَحْصُلَ بِذَلِكَ إدْخَالُ رَجُلٍ الْجَنَّةَ وَهُوَ الرَّجُلُ الْمَرِيضُ فِي الْكَنِيسَةِ، فَإِنَّ دُخُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ سَبَبَ إسْلَامِهِ الَّذِي صَارَ سَبَبًا فِي دُخُولِهِ الْجَنَّةَ. قَوْلُهُ: (لُوا أَخَاكُمْ) فِيهِ الْأَمْرُ لِمَنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي حَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَلُوا أَمْرَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الْمَرِيضِ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ بِسَبَبِ تَكَلُّمِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ أَخًا لَهُمْ. قَوْلُهُ: (وَجَنَنَهُ) الْجَنَنُ بِالْجِيمِ وَنُونَيْنِ الْقَبْرُ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ. قَوْلُهُ: (صَبَأْنَا صَبَأْنَا) أَيْ دَخَلْنَا فِي دِينِ الصَّابِئَةِ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّونَ مَنْ أَسْلَمَ صَابِئًا وَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: أَسْلَمْنَا أَسْلَمْنَا، وَالصَّابِئُ فِي الْأَصْلِ: الْخَارِجُ مِنْ دِينٍ إلَى دِينٍ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: صَبَأَ كَمَنَعَ وَكَرُمَ، وَصَبَأَ صُبُوءًا: أُخْرِجَ مِنْ دِينٍ إلَى دِينٍ. اهـ. قَوْلُهُ: (مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ) تَبَرَّأَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ صُنْعِ خَالِدٍ وَلَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْهُ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لِمَنْ فَعَلَ مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ خَطَأً. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّهُ يَصِيرُ الْكَافِرُ مُسْلِمًا بِالتَّكَلُّمِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ بِدُونِ تَصْرِيحٍ كَمَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ.

وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ مَجْمُوعُ خِصَالٍ: أَحَدُهَا: التَّلَفُّظُ بِالشَّهَادَتَيْنِ، مِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ إذْ طَلَعَ عَلَيْهِ رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ وَفِيهِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>