للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاب أَنَّ الْجِهَاد فَرْض كِفَايَة وَأَنَّهُ شُرِعَ مَعَ كُلّ بَرٍّ وَفَاجِر

ــ

[نيل الأوطار]

نَكَبَ عَنْهُ كَنَصَرَ وَفَرِحَ نَكْبًا وَنَكَبًا وَنُكُوبًا عَدَلَ كَنَكَّبَ وَتَنَكَّبَ وَنَكَّبَهُ تَنْكِيبًا: نَحَّاهُ لَازِمٌ مُتَعَدٍّ، وَطَرِيقٌ مَنْكُوبٌ: عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ، وَنَكَّبَهُ الطَّرِيقَ وَنَكَّبَ بِهِ عَنْهُ: عَدَلَ وَالنَّكْبُ: الطَّرْحُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: النَّكْبَةُ أَنْ يُصِيبَ الْعُضْوَ شَيْءٌ فَيُدْمِيَهُ انْتَهَى قَوْلُهُ: (لَوْنُهَا الزَّعْفَرَانُ) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ «اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ» . قَوْلُهُ: (رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَبَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ ثُمَّ طَاءٌ مُهْمَلَةٌ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْمُرَابَطَةُ أَنْ يَرْبِطَ كُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ خُيُولَهُمْ فِي ثَغْرِهِ، وَكُلٌّ مُعِدٌّ لَصَاحِبِهِ، فَسُمِّيَ الْمُقَامُ فِي الثَّغْرِ رِبَاطًا. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} [آل عمران: ٢٠٠] ، انْتَهَى. قَوْلُهُ: (أَمِنَ الْفَتَّانَ) بِفَتْحِ الْفَاء وَتَشْدِيدِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَبَعْدَ الْأَلْفِ نُونٌ

قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْفَتَّانُ: اللِّصُّ، وَالشَّيْطَانُ كَالْفَاتِنِ وَالصَّانِعِ، وَالْفَتَّانَانِ: الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ، وَمُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ. قَالَ فِي النِّهَايَة: وَبِالْفَتْحِ هُوَ الشَّيْطَانُ لِأَنَّهُ يَفْتِنُ النَّاسَ عَنْ الدِّينِ، انْتَهَى. وَالْمُرَادُ هَهُنَا الشَّيْطَانُ أَوْ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ. قَوْلُهُ: (حَرْسُ) هُوَ مَصْدَرُ حَرَسَ. وَالْمُرَادُ هُنَا حِرَاسَةُ الْجَيْشِ يَتَوَلَّاهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ الْأَجْرُ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْعِنَايَةِ بِشَأْنِ الْمُجَاهِدِينَ وَالتَّعَبِ فِي مَصَالِحِ الدِّينِ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . قَوْلُهُ: (فَالْإِلْقَاءُ بِأَيْدِينَا إلَى التَّهْلُكَةِ أَنْ نُقِيمَ فِي أَمْوَالِنَا. . . إلَخْ) هَذَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا تَصْدُقُ عَلَيْهِ الْآيَةُ لِأَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِلنَّهْيِ لِكُلِّ أَحَدٍ عَنْ كُلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِلْقَاءِ بِالنَّفْسِ إلَى التَّهْلُكَةِ وَالِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ، فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الصُّورَةُ الَّتِي قَالَ النَّاسُ إنَّهَا مِنْ بَابِ الْإِلْقَاءِ لَمَّا رَأَوْا الرَّجُلَ الَّذِي حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ كَمَا سَلَفَ مِنْ صُوَرِ الْإِلْقَاءِ لُغَةً أَوْ شَرْعًا فَلَا شَكَّ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ عُمُومِ الْآيَةِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الدُّخُولِ اعْتِرَاضُ أَبِي أَيُّوبَ بِالسَّبَبِ الْخَاصِّ.

وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ رُجْحَانُ قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الِاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ، وَلَا حَرَجَ فِي انْدِرَاجِ التَّهْلُكَةِ بِاعْتِبَارِ الدِّينِ وَبِاعْتِبَارِ الدُّنْيَا تَحْتَ قَوْلِهِ: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي جَمِيعِ مَعَانِيهِ وَهُوَ أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ السِّتَّةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الْأُصُولِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ.

وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ أَنَّ التَّهْلُكَةَ هِيَ تَرْكُ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْفَتْحِ هُنَالِكَ أَقْوَالًا أُخَر فَلْيُرَاجَعْ. وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ انْغَمَسْتُ فِي الْمُشْرِكِينَ فَقَاتَلْتُهُمْ حَتَّى قُتِلْتُ أَإِلَى الْجَنَّةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَانْغَمَسَ الرَّجُلُ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ: أَيْنَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ قُتِلْتُ؟ قَالَ: فِي الْجَنَّةِ، فَأَلْقَى تَمَرَاتٍ كُنَّ بِيَدِهِ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ» وَرَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ قَالَ: «لَمَّا الْتَقَى النَّاسُ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ عَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>