٣٢٩١ - (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَا تُغْلَبُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا، وَتَمَسَّكَ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْجَيْشَ إذَا كَانَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَفِرَّ مِنْ أَمْثَالِهِ وَأَضْعَافِهِ وَإِنْ كَثُرُوا) .
٣٢٩٢ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَتْ رَايَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوْدَاءَ وَلِوَاؤُهُ أَبْيَضَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ) .
ــ
[نيل الأوطار]
لُغَةً رَابِعَةً بِالْفَتْحِ فِيهِمَا. قَالَ: وَهُوَ جَمْعُ خَادِعٍ: أَيْ أَنَّ أَهْلَهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَهْلُ الْحَرْبِ خَدَعَةٌ. وَحَكَى مَكِّيٌّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاحِدُ لُغَةً خَامِسَةً: كَسْرُ أَوَّلِهِ مَعَ الْإِسْكَانِ، وَأَصْلُهُ إظْهَارُ أَمْرٍ وَإِضْمَارُ خِلَافِهِ
وَفِيهِ التَّحْرِيضُ عَلَى أَخْذِ الْحَذَرِ فِي الْحَرْبِ وَالنَّدْبُ إلَى خِدَاعِ الْكُفَّارِ، وَأَنَّ مَنْ يَتَيَقَّظْ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَنْعَكِسَ الْأَمْرُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ خِدَاعِ الْكُفَّارِ فِي الْحَرْبِ كَيْفَ مَا أَمْكَنَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَقْضُ عَهْدٍ أَوْ أَمَانٍ فَلَا يَجُوزُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْخِدَاعُ فِي الْحَرْبِ يَقَعُ بِالتَّعَرُّضِ وَبِالْكَمِينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَفِي الْحَدِيثِ الْإِشَارَةُ إلَى اسْتِعْمَالِ الرَّأْيِ فِي الْحَرْبِ بَلْ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ آكَدُ مِنْ الشَّجَاعَةِ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: مَعْنَى " الْحَرْبُ خُدْعَةٌ ": أَيْ الْحَرْبُ الْجَيِّدَةُ لِصَاحِبِهَا الْكَامِلَةُ فِي مَقْصُودِهَا إنَّمَا هِيَ الْمُخَادَعَةُ لَا الْمُوَاجَهَةُ وَذَلِكَ لِخَطَرِ الْمُوَاجَهَةِ وَلِحُصُولِ الظَّفَرِ مَعَ الْمُخَادَعَةِ بِغَيْرِ خَطَرٍ.
قَوْلُهُ: (بُسْبَسًا) بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْأُولَى وَبَعْدَهَا سِينٌ مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَفْتُوحَةٌ ثُمَّ سِينٌ مُهْمَلَةٌ وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو وَيُقَالُ ابْنُ بِشْرٍ.
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد بُسْبَسَةَ بِزِيَادَةِ تَاءِ التَّأْنِيثِ. وَقِيلَ فِيهِ أَيْضًا بُسَيْسَةُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَضْمُومَةً فِي أَوَّلِهِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ يَاءٌ مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ: إنَّ لَنَا طَلِبَةً) بِكَسْرِ اللَّامِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَفِي النِّهَايَةِ: الطِّلَبَةُ: الْحَاجَةُ، هَذَا فِيهِ إبْهَامٌ لِلْمَقْصُودِ وَقَدْ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ لِلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَكْتُمُ أَمْرَهُ كَمَا وَقَعَ فِي التَّرْجَمَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute