للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٣٣٧ - (عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةُ: أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:

ــ

[نيل الأوطار]

ثُمَّ قَامَ إلَيْهِ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ، وَبَعَثَ قُرَيْشٌ إلَى عَاصِمٍ لِيَأْتُوا بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَانَ قَتَلَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنْ الدَّبْرِ فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ فَلَمْ يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ، هَكَذَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد.

قَوْلُهُ: (عَيْنًا) الْعَيْنُ: الْجَاسُوسُ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ بَعْثِ الْأَعْيَانِ. وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ بُسْبَسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِي سُفْيَانَ» . قَوْلُهُ: (بِالْهَدْأَةِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وللكشميهني بِفَتْحِ الدَّالِ وَتَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ. وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ الْهَدَّةُ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ بِغَيْرِ أَلِفٍ. قَالَ: وَهِيَ عَلَى سَبْعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ عُسْفَانَ.

قَوْلُهُ: (لِبَنِي لِحْيَانَ) هُمْ قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ اسْمُ أَبِيهِمْ لِحْيَانُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ ابْنُ هُذَيْلِ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ. قَوْلُهُ: (فَنَفَرُوا لَهُمْ) أَيْ أَمَرُوا جَمَاعَةً مِنْهُمْ أَنْ يَنْفِرُوا إلَى الرَّهْطِ الْمَذْكُورِينَ. قَوْلُهُ: (فَدْفَدٍ) بِفَاءَيْنِ وَدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ: الْمَوْضِعُ الْغَلِيظُ الْمُرْتَفِعُ. قَالَ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ: هُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ.

قَوْلُهُ: (خُبَيْبِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ أَيْضًا وَهُوَ ابْنُ عَدِيٍّ مِنْ الْأَنْصَارِ. قَوْلُهُ: (دَثِنَةَ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَهَا نُونٌ وَاسْمُهُ زَيْدٌ. قَوْلُهُ: (وَرَجُلٌ آخَرُ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ، وَعَالَجُوهُ: أَيْ مَارَسُوهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ خَادَعُوهُ لِيَتْبَعَهُمْ فَأَبَى. وَالِاسْتِحْدَادُ: حَلْقُ الْعَانَةِ. وَالْقِطْفُ: الْعُنْقُودُ، وَهُوَ اسْمٌ لِكُلِّ مَا تَقْطِفُهُ. وَالشِّلْوُ: الْعُضْوُ مِنْ الْإِنْسَانِ. وَالْمُمَزَّعُ بِتَشْدِيدِ الزَّايِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ الْمُفَرَّقُ، وَالظُّلَّةُ الشَّيْءُ الْمُظِلُّ مِنْ فَوْقُ. وَالدَّبْرُ بِتَشْدِيدِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَبَعْدَهَا رَاءٌ مُهْمَلَةٌ جَمَاعَةُ النَّحْلِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمُدَافَعَةِ وَلَا أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ أَنْ يَسْتَأْسِرَ، وَهَكَذَا تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ: " بَابُ هَلْ يَسْتَأْسِرُ الرَّجُلُ وَمَنْ لَمْ يَسْتَأْسِرْ " أَيْ هَلْ يُسْلِمُ نَفْسَهُ لِلْأَسْرِ أَمْ لَا؟ .

وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْكَرَ مَا وَقَعَ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ الدُّخُولِ تَحْتَ أَسْرِ الْكُفَّارِ، وَلَا أَنْكَرَ مَا وَقَعَ مِنْ السَّبْعَةِ الْمَقْتُولِينَ مِنْ الْإِصْرَارِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْأَسْرِ، وَلَوْ كَانَ مَا وَقَعَ مِنْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ غَيْرَ جَائِزٍ لَأَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ بِعَدَمِ جَوَازِهِ وَأَنْكَرَهُ، فَدَلَّ تَرْكُ الْإِنْكَارِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ لَا طَاقَةَ لَهُ بِعَدُوِّهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْأَسْرِ وَأَنْ يَسْتَأْسِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>