بَابُ الْإِسْهَامِ لِلْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ
ــ
[نيل الأوطار]
يُقَالُ لَهُمْ: النَّجَدَاتُ مُحَرَّكَةً. وَالْحَرُورِيُّ نِسْبَةٌ إلَى حَرُورَاءَ وَهِيَ قَرْيَةٌ بِالْكُوفَةِ. قَوْلُهُ: (يُحْذَيْنَ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ يُعْطَيْنَ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْحِذْوَةُ بِالْكَسْرِ: الْعَطِيَّةُ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (آبِي اللَّحْمِ) هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَبَى يَأْبَى فَهُوَ آبِي. قَالَ أَبُو دَاوُد: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كَانَ حَرَّمَ اللَّحْمَ عَلَى نَفْسِهِ فَسُمِّيَ آبِيَ اللَّحْمِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة الْمَضْمُومَة وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ وَهُوَ سَقَطُهُ. قَالَ فِي النِّهَايَة: هُوَ أَثَاثُ الْبَيْتِ، وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْخُرْثِيُّ بِالضَّمِّ: أَثَاثُ الْبَيْتِ أَوْ أَرْدَأُ الْمَتَاعِ وَالْغَنَائِمِ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ حَشْرَجٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا رَاءٌ مُهْمَلَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَجِيمٌ. قَوْلُهُ: (عَنْ جَدَّتِهِ) هِيَ أُمُّ زِيَادٍ الْأَشْجَعِيَّةُ وَلَيْسَ لَهَا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ. قَوْلُهُ: (وَنَسْقِي السَّوِيقَ) هُوَ شَيْءٌ يُعْمَلُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ يُسْهَمُ لِلنِّسَاءِ إذَا حَضَرْنَ، فَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: إنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُنَّ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُسْهَمُ لِلْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ. وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: إنَّ الْأَوْزَاعِيَّ قَالَ: يُسْهَمُ لَهُنَّ
قَالَ: وَأَحْسَبُهُ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْحَدِيثِ، يَعْنِي حَدِيثَ حَشْرَجِ بْنِ زِيَادٍ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ وَقَدْ حُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْعِتْرَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالذِّمِّيِّينَ. وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْلَمُ الْعَبْدَ يُعْطَى شَيْئًا. وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلْعَبْدِ كَالْحُرِّ. وَعَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِلذِّمِّيِّ لَا لِلْعَبْدِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ فَيُرْضَخُ لَهُمْ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ حَدِيثَ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ. وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلْمَمْلُوكِ وَلَكِنْ يُرْضَخُ لَهُ بِشَيْءٍ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. وَقَالَ أَيْضًا: إنَّ الْعَمَلَ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْ قَاتَلُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ الْعَدُوَّ، وَرَأَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُمْ إذَا شَهِدُوا الْقِتَالَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ وَالذِّمِّيِّينَ، وَمَا وَرَدَ مِنْ الْأَحَادِيثِ مِمَّا فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْهَمَ لِأَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى الرَّضْخِ وَهُوَ الْعَطِيَّةُ الْقَلِيلَةُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ. وَقَدْ صَرَّحَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ بِمَا يُرْشِدُ إلَى هَذَا الْجَمْعِ فَإِنَّهُ نَفَى أَنْ يَكُونَ لِلنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ سَهْمٌ مَعْلُومٌ وَأَثْبَتَ الْحَذِيَّةَ، وَهَكَذَا حَدِيثُهُ الْآخَرُ فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعْطِي الْمَرْأَةَ وَالْمَمْلُوكَ دُونَ مَا يُصِيبُ الْجَيْشُ. وَهَكَذَا حَدِيثُ عُمَيْرٍ الْمَذْكُورُ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَضَخَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَثَاثِ وَلَمْ يُسْهِمْ لَهُ، فَيُحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ حَشْرَجٍ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْهَمَ لِلنِّسَاءِ بِخَيْبَرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْعَطِيَّةِ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَهَكَذَا يُحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي مُرْسَلِ الزُّهْرِيِّ الْمَذْكُورِ مِنْ الْإِسْهَامِ لِقَوْمٍ مِنْ الْيَهُودِ وَمَا وَقَعَ فِي مُرْسَلِ الْأَوْزَاعِيِّ الْمَذْكُورِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute