للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاب أَنَّ الْغَنَمَ تُقْسَمُ بِخِلَافِ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ

ــ

[نيل الأوطار]

تَكَلَّمَ فِي الْقَاسِمِ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى: وَفِي إسْنَادِهِ أَيْضًا ابْنُ حَرْشَفٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ، قَوْلُهُ: (كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا. . . إلَخْ) زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي رِوَايَةٍ " وَالْفَوَاكِهُ " وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ بِلَفْظِ " كُنَّا نُصِيبُ السَّمْنَ وَالْعَسَلَ فِي الْمَغَازِي فَنَأْكُلُهُ " وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ " أَصَبْنَا طَعَامًا وَأَغْنَامًا يَوْمَ الْيَرْمُوكِ فَلَمْ تُقْسَمْ ". قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا الْمَوْقُوفُ لَا يُغَايِرُ الْأَوَّلَ لِاخْتِلَافِ السِّيَاقِ وَلِلْأَوَّلِ حُكْمُ الرَّفْعِ لِلتَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَمَّا يَوْمُ الْيَرْمُوكِ فَكَانَ بَعْدَهُ فَهُوَ مَوْقُوفٌ يُوَافِقُ الْمَرْفُوعَ انْتَهَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ إطْلَاقَ الْمَغَازِي مِنْ الصَّحَابِيِّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهَا مَغَازِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ التَّصْرِيحِ فِي شَيْءٍ قَوْلُهُ: (وَلَا نَرْفَعُهُ) أَيْ وَلَا نَحْمِلُهُ عَلَى سَبِيلِ الِادِّخَارِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ وَلَا نَحْمِلُهُ إلَى مُتَوَلِّي أَمْرِ الْغَنِيمَةِ أَوْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا نَسْتَأْذِنُهُ فِي أَكْلِهِ اكْتِفَاءً بِمَا سَبَقَ مِنْهُ مِنْ الْإِذْنِ قَوْلُهُ: (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ بِوَزْنِ مُحَمَّدٍ قَوْلُهُ: (جِرَابًا) بِكَسْرِ الْجِيمِ قَوْلُهُ: (فَالْتَزَمْتُهُ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ " فَنَزَوْت " بِالنُّونِ وَالزَّايِ: أَيْ وَثَبْتُ مُسْرِعًا.

وَمَوْضِعُ الْحُجَّةِ مِنْ الْحَدِيثِ عَدَمُ إنْكَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا سِيَّمَا مَعَ وُقُوعِ التَّبَسُّمِ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا. وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ أَبَا دَاوُد الطَّيَالِسِيَّ زَادَ فِيهِ فَقَالَ " هُوَ لَكَ " وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَفَ شِدَّةَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ فَسَوَّغَ لَهُ الِاسْتِئْثَارَ بِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ أَكْلِ الشُّحُومِ الَّتِي تُوجَدُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَكَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَى الْيَهُودِ، وَكَرِهَهَا مَالِكٌ.

وَرُوِيَ عَنْهُ وَعَنْ أَحْمَدَ تَحْرِيمُهَا قَوْلُهُ: (الْجَزَرَ) بِفَتْحِ الْجِيمِ جَمْعُ جَزُورٍ: وَهِيَ الشَّاةُ الَّتِي تُجْزَرُ: أَيْ تُذْبَحُ كَذَا قِيلَ.

وَفِي غَرِيبِ الْجَامِعِ: الْجُزُرُ جَمْعُ جَزُورٍ، وَهُوَ الْوَاحِدُ مِنْ الْإِبِلُ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.

وَفِي الْقَامُوسِ، فِي مَادَّةِ جزر، مَا لَفْظُهُ: وَالشَّاةُ السَّمِينَةُ ثَمَّ قَالَ: وَالْجَزُورُ: الْبَعِيرُ أَوْ خَاصٌّ بِالنَّاقَةِ الْمَجْزُورَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَمَا يُذْبَحُ مِنْ الشَّاةِ انْتَهَى. وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْجُزُرَ فِي الْحَدِيثِ بِضَمِّ الْجِيمِ وَالزَّايِ جَمْعُ جَزُورٍ: وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ. وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الطَّعَامِ وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الْعَلَفُ لِلدَّوَابِّ بِغَيْرِ قِسْمَةٍ، وَلَكِنَّهُ يَقْتَصِرُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مِقْدَارِ الْكِفَايَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى. وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ سَوَاءٌ أَذِنَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ.

وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الطَّعَامَ يَقِلُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكَذَلِكَ الْعَلَفُ فَأُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ. وَالْجُمْهُورُ أَيْضًا عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَا نَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَام. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: يَأْخُذُ إلَّا إنْ نَهَى الْإِمَامُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: قَدْ وَرَدَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْغُلُولِ، وَاتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْأَنْصَارِ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الطَّعَامِ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِنَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُقْتَصَرْ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ: يَجُوزُ ذَبْحُ الْأَنْعَامِ لِلْأَكْلِ كَمَا يَجُوزُ أَخْذُ الطَّعَامِ، وَلَكِنْ قَيَّدَهُ الشَّافِعِيُّ بِالضَّرُورَةِ إلَى الْأَكْلِ حَيْثُ لَا طَعَامَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>