٣٤٠٩ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى خَيْبَرَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا وَرِقًا، غَنِمْنَا الْمَتَاعَ وَالطَّعَامَ وَالثِّيَابَ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا إلَى الْوَادِي وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدٌ لَهُ وَهَبَهُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُذَامَ يُسَمَّى رِفَاعَةَ بْنَ يَزِيدَ مِنْ بَنِي الضَّبِيبِ، فَلَمَّا نَزَلْنَا الْوَادِيَ قَامَ عَبْدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحُلُّ رَحْلَهُ، فَرُمِيَ بِسَهْمٍ فَكَانَ فِيهِ حَتْفُهُ فَقُلْنَا: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: كَلًّا وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إنَّ الشَّمْلَةَ لَتَلْتَهِبُ عَلَيْهِ نَارًا أَخَذَهَا مِنْ الْغَنَائِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ، قَالَ: فَفَزِعَ النَّاسُ، فَجَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ هَذَا يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ــ
[نيل الأوطار]
قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إنْ كَانَ صَادِقًا» الْحَدِيثَ.
وَالْحَدِيثُ الثَّانِي فِي إسْنَادِهِ عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ إذَا انْفَرَدَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِحَدِيثِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: صَالِحٌ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: ثِقَةٌ وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ الْمَذْكُورِ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا نَفَلَ إلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ» (قَوْلُهُ غُلُولٌ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ: أَيْ خِيَانَةٌ (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَةِ) اسْمُهُ حِطَّانَ بْنُ خَفَّافٍ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَثَّقَهُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ لَا نَفَلَ إلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ) قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَحِلُّ الْهَدِيَّةُ لِلْعُمَّالِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ فِي بَابِ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا حَدِيثُ بُرَيْدَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ» وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَفْرُوضِ لِلْعَامِلِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ مَا كَانَ مِنْ الصَّدَقَاتِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ أَوْ مِنْ أَرْبَابِهَا عَلَى طَرِيقِ الْهَدِيَّةِ أَوْ الرِّشْوَةِ.
وَالْحَدِيثُ الثَّانِي بَوَّبَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد: بَابُ النَّفَلِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمِنْ أَوَّلِ مَغْنَمٍ: أَيْ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ مُبَاحَاتِ دَارِ الْحَرْبِ وَأَيُّهَا تَكُونُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ لَا يُخْتَصُّ بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute