للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٤١٥ - (عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ مِنْ جِبَالِ التَّنْعِيمِ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ لِيَقْتُلُوهُمْ، فَأَخَذَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَمًا فَأَعْتَقَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: ٢٤] إلَى آخِر الْآيَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ) .

٣٤١٦ - (وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: لَوْ كَانَ

ــ

[نيل الأوطار]

وَلَا أَصْلَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ سَالِمًا أَمَرَ بِذَلِكَ. وَصَحَّحَ أَبُو دَاوُد وَقْفَهُ، وَرَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِاللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ: هَذَا أَصَحُّ. وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، وَفِي إسْنَادِهِ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْخُرَاسَانِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: يُقَالُ: هُوَ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ مَجْهُولٌ. وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ زُهَيْرٍ مَوْقُوفًا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ الرَّاجِحُ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَأْمُرْ بِحَرْقِ مَتَاعِهِ) هَذَا لَفْظُ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي الْجِهَادِ فِي بَابِ الْقَلِيلِ مِنْ الْغُلُولِ وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ حَرَّقَ مَتَاعَهُ، يَعْنِي فِي حَدِيثِهِ الَّذِي سَاقَهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ، وَهُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ، ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَهَذَا أَصَحُّ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: أَشَارَ إلَى تَضْعِيفِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْأَمْرِ بِحَرْقِ رَحْلِ الْغَالِّ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هَذَا إلَى الْحَدِيثِ الَّذِي سَاقَهُ، وَالْحَرَقُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ، وَقَدْ تُسَكَّنُ الرَّاءُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ، مَصْدَرُ حَرِقَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى الْأَخْذِ بِظَاهِرِ حَدِيثِ الْإِحْرَاقِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَكْحُولٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَعَنْ الْحَسَنِ يُحَرَّقُ مَتَاعُهُ كُلُّهُ إلَّا الْحَيَوَانَ وَالْمُصْحَفَ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: لَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ حِينَ كَانَتْ الْعُقُوبَةُ بِالْمَالِ انْتَهَى.

وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ.

وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو دَلِيلٌ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْإِمَامُ مِنْ الْغَالِّ مَا جَاءَ بِهِ بَعْدَ وُقُوعِ الْقِسْمَةِ وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ قَرِيبًا. قَوْلُهُ: (وَمَنَعُوهُ سَهْمَهُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ بَعْدَ عُقُوبَةِ الْغَالِّ بِتَحْرِيقِ مَتَاعِهِ أَنْ يُعَاقِبَهُ عُقُوبَةً أُخْرَى؛ بِمَنْعِهِ سَهْمَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَكَذَلِكَ يُعَاقِبُهُ عُقُوبَةً ثَالِثَةً بِضَرْبِهِ كَمَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>