بَابُ أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَحْرَزَ أَمْوَالَهُ (قَدْ سَبَقَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» ) .
٣٤٣٥ - (وَعَنْ صَخْرِ ابْنِ عَيْلَةَ: «أَنَّ قَوْمًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَرُّوا عَنْ أَرْضِهِمْ حِينَ جَاءَ الْإِسْلَامُ فَأَخَذْتهَا فَأَسْلَمُوا، فَخَاصَمُونِي فِيهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّهَا عَلَيْهِمْ وَقَالَ: إذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ فَهُوَ أَحَقُّ بِأَرْضِهِ وَمَالِهِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ وَقَالَ فِيهِ، فَقَالَ: «يَا صَخْرُ إنَّ الْقَوْمَ إذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا أَمْوَالَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ» ) .
٣٤٣٦ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَعْشَمِ قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَبْدِ إذَا جَاءَ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ جَاءَ مَوْلَاهُ فَأَسْلَمَ أَنَّهُ حُرٌّ، وَإِذَا جَاءَ الْمَوْلَى ثُمَّ جَاءَ الْعَبْدُ بَعْدَ مَا أَسْلَمَ مَوْلَاهُ
ــ
[نيل الأوطار]
غَزْوَةِ الطَّائِفِ.
وَحَدِيثُ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ رِبْعِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إلَّا مِنْ حَدِيثِ رِبْعِيٍّ قَوْلُهُ: (مِنْ عَبِيدِ الْمُشْرِكِينَ) مِنْهُمْ أَبُو بَكْرَةَ وَالْمُنْبَعِثُ، وَكَانَ عَبْدًا لِعُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ مُعَتِّبٍ، وَمِنْهُمْ مَرْزُوقٌ زَوْجُ سُمَيَّةَ وَالِدَةِ زِيَادٍ وَالْأَزْرَقُ وَكَانَ لِكِلْدَةَ الثَّقَفِيِّ، وَوَرْدَانَ وَكَانَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَيُحَنَّسَ وَكَانَ لِابْنِ مَالِكٍ الثَّقَفِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ جَارِيَةَ وَكَانَ لِخَرَشَةَ الثَّقَفِيِّ، وَيُقَالُ كَانَ مَعَهُمْ زِيَادُ ابْنُ سُمَيَّةَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ حِينَئِذٍ لِصِغَرِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ عَبْدًا مِنْ الطَّائِفِ مِنْ جُمْلَتِهِمْ أَبُو بَكْرَةَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْمَغَازِي، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ لَمْ يَنْزِلْ مِنْ سُوَرِ الطَّائِفِ غَيْرُهُ، وَهُوَ شَيْءٌ قَالَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ وَتَبِعَهُ الْحَاكِمُ. وَجَمَعَ بَعْضَهُمْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ أَبَا بَكْرَةَ نَزَلَ وَحْدَهُ أَوَّلًا ثُمَّ نَزَلَ الْبَاقُونَ بَعْدَهُ وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ قَوْلُهُ: (أَنْ يَرُدَّ إلَيْنَا أَبَا بَكْرَةَ) اسْمُهُ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ، وَكَانَ مَوْلَى الْحَارِثِ بْنِ كَلْدَةَ الثَّقَفِيُّ، فَتَدَلَّى مِنْ حِصْنِ الطَّائِفِ بِبَكْرَةٍ فَكُنِّيَ أَبَا بَكْرَةَ لِذَلِكَ، أَخْرَجَ ذَلِكَ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ قَوْلُهُ (: عُبْدَانُ) جَمْعُ عَبْدٍ.
وَفِي أَحَادِيثِ الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ هَرَبَ مِنْ عَبِيدِ الْكُفَّارِ إلَى الْمُسْلِمِينَ صَارَ حُرًّا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " هُمْ عُتَقَاءُ اللَّهِ " وَلَكِنْ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَجِّزَ عِتْقَهُمْ كَمَا وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَبِيدِ الطَّائِفِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute