للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا جَاءَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ هَلْ هُوَ عَنْوَةٌ أَوْ صُلْحٌ؟

٣٤٤٤ - (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ فَقَالَ: «أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَخَلَ مَكَّةَ فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إحْدَى الْمُجَنَّبَتَيْنِ وَبَعَثَ خَالِدًا عَلَى الْمُجَنَّبَةِ الْأُخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كَتِيبَتِهِ، قَالَ: وَقَدْ وَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشَهَا، وَقَالُوا: نُقَدِّمُ هَؤُلَاءِ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَفَطِنَ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قُلْت: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ وَلَا يَأْتِينِي إلَّا أَنْصَارِيٌّ، فَهَتَفَ بِهِمْ فَجَاءُوا فَطَافُوا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: تَرَوْنَ إلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ، ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى: اُحْصُدُوهُمْ حَصَدًا حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَانْطَلَقْنَا فَمَا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ مِنْهُمْ مَا شَاءَ إلَّا قَتَلَهُ، وَمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُوَجِّهُ إلَيْنَا شَيْئًا، فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، فَأَغْلَقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَفِي يَدِهِ قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ فَأَتَى فِي طَوَافِهِ عَلَى صَنَمٍ إلَى جَنْبِ الْبَيْتِ يَعْبُدُونَهُ،

ــ

[نيل الأوطار]

أَوْ يَنْتَزِعَهَا مِنْهُمْ وَيُقِرَّهَا مَعَ آخَرِينَ. وَعِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ الْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ وُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ مَعْرُوفَةٍ فِي كُتُبِهِمْ قَوْلُهُ: (افْتَتَحَ بَعْضَ خَيْبَرَ عَنْوَةً) الْعَنْوَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ: الْقَهْرُ قَوْلُهُ: (وَقَفِيزَهَا) الْقَفِيزُ: مِكْيَالٌ ثَمَانِيَةُ مَكَاكِيكُ قَوْلُهُ: (وَمَنَعَتْ الْعِرَاقُ مُدْيَهَا) الْمُدْيُ مِائَةٌ وَاثْنَانِ وَتِسْعُونَ مُدًّا وَهُوَ صَاعُ أَهْلِ الْعِرَاقِ قَوْلُهُ: (وَمَنَعَتْ مِصْرُ إرْدَبَّهَا)

بِالرَّاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْإِرْدَبُّ كَقَرْشَبَّ: مِكْيَالٌ ضَخْمٌ بِمِصْرَ وَيَضُمُّ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ صَاعًا انْتَهَى

قَوْلُهُ: (وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ) أَيْ رَجَعْتُمْ إلَى الْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، لِإِخْبَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا سَيَكُونُ مِنْ مُلْكِ الْمُسْلِمِينَ هَذِهِ الْأَقَالِيمَ وَوَضْعِهِمْ الْجِزْيَةَ وَالْخَرَاجَ، ثُمَّ بُطْلَانِ ذَلِكَ إمَّا بِتَغَلُّبِهِمْ وَهُوَ أَصَحَّ التَّأْوِيلَيْنِ، وَفِي الْبُخَارِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَفْظُ الْمَنْعِ فِي الْحَدِيثِ يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ. وَإِمَّا بِإِسْلَامِهِمْ، وَوَجْهُ اسْتِدْلَالِ الْمُصَنِّفِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا تَرْجَمَ الْبَابَ بِهِ مِنْ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عَلِمَ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ يَضَعُونَ الْخَرَاجَ عَلَى الْأَرْضِ وَلَمْ يُرْشِدْهُمْ إلَى خِلَافِ ذَلِكَ بَلْ قَرَّرَهُ وَحَكَاهُ لَهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>