٣٤٤٦ - (وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذُوهُمْ وَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ: احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ حَتَّى يَنْظُرَ إلَى الْمُسْلِمِينَ، فَحَبَسَهُ
ــ
[نيل الأوطار]
خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَلَمْ يَقْبَلَا الْأَمَانَ فَأَجَارَتْهُمَا أُمُّ هَانِئٍ وَكَانَا مِنْ أَحْمَائِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إنْ كَانَ ابْنُ هُبَيْرَةَ مِنْهُمَا فَهُوَ جَعْدَةُ انْتَهَى. قَالَ الْحَافِظُ: وَجَعْدَةُ مَعْدُودٌ فِيمَنْ لَهُ رِوَايَةٌ، وَلَمْ يَصِحَّ لَهُ صُحْبَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَهُ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ فِي التَّابِعِينَ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا، فَكَيْفَ يَتَهَيَّأُ لِمَنْ هَذِهِ سَبِيلُهُ فِي صِغَرِ السِّنِّ أَنْ يَكُونَ عَامُ الْفَتْحِ مُقَاتِلًا حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الْأَمَانِ انْتَهَى
وَهُبَيْرَةُ الْمَذْكُورُ هُوَ زَوْجُ أُمِّ هَانِئٍ، فَلَوْ كَانَ الَّذِي أَمَّنَتْهُ أُمُّ هَانِئٍ هُوَ ابْنُهَا مِنْهُ لَمْ يَهُمَّ عَلِيٌّ بِقَتْلِهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ أَسْلَمَتْ وَهَرَبَ زَوْجُهَا وَتَرَكَ وَلَدَهَا عِنْدَهَا، وَجَوَّزَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لِهُبَيْرَةَ مِنْ غَيْرِهَا مَعَ نَقْلِهِ عَنْ أَهْلِ النَّسَبِ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا لِهُبَيْرَةَ وَلَدًا مِنْ غَيْرِ أُمِّ هَانِئٍ. وَجَزَمَ ابْنُ هِشَامٍ فِي تَهْذِيبِ السِّيرَةِ بِأَنَّ اللَّذَيْنِ أَجَارَتْهُمَا أُمُّ هَانِئٍ هُمَا الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَزُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيَّانِ.
وَرَوَى الْأَزْرَقِيُّ بِسَنَدٍ فِيهِ الْوَاقِدِيُّ فِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ هَذَا أَنَّهُمَا الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُمَا الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَهُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ هُبَيْرَةَ هَرَبَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ إلَى نَجْرَانَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا مُشْرِكًا حَتَّى مَاتَ، كَذَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ، فَلَا يَصِحُّ ذِكْرَهُ فِيمَنْ أَجَارَتْهُ أُمُّ هَانِئٍ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ: فُلَانُ بْنُ هُبَيْرَةَ هُوَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، وَقَدْ تَصَرَّفَ فِي كَلَامِ الزُّبَيْرِ، وَالْوَاقِعُ عِنْدَ الزُّبَيْرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَوْضِعُ فُلَانِ بْنِ هُبَيْرَةَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ. قَالَ الْحَافِظُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ حَرْفًا كَانَ فِيهِ فُلَانُ بْنُ عَمِّ ابْنِ هُبَيْرَةَ فَسَقَطَ لَفْظُ عَمِّ، أَوْ كَانَ فِيهِ فُلَانٌ قَرِيبُ ابْنِ هُبَيْرَةَ فَتَغَيَّرَ لَفْظُ قَرِيبُ إلَى لَفْظِ ابْنِ، وَكُلٌّ مِنْ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَزُهَيْرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ يَصِحُّ وَصْفُهُ بِأَنَّهُ ابْنُ عَمِّ هُبَيْرَةَ وَقَرِيبُهُ لِكَوْنِ الْجَمِيعِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ. وَقَدْ تَمَسَّكَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ مَنْ قَالَ إنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَمَحَلُّ الْحُجَّةِ مِنْ الْأَوَّلِ أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَنْصَارِ بِالْقَتْلِ لِأَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَوُقُوعُ الْقَتْلِ مِنْهُمْ. وَمَحَلُّ الْحُجَّةِ مِنْ الثَّانِي مَا وَقَعَ مِنْ عَلِيٍّ مِنْ إرَادَةِ قَتْلِ مَنْ أَجَارَتْهُ أُمُّ هَانِئٍ، وَلَوْ كَانَتْ مَكَّةُ مَفْتُوحَةً صُلْحًا لَمْ يَقَعْ مِنْهُ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي ذِكْرُ الْخِلَافِ وَمَا هُوَ الْحَقُّ فِي ذَلِكَ
١ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute