. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
مِنْ قُرَيْشٍ بَنُو أُسَامَةَ بْنِ لُؤَيٍّ وَبَنُو عَوْفِ بْنِ لُؤَيٍّ. وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَكَذَلِكَ قُرَيْشٌ الظَّوَاهِرُ الَّذِينَ مِنْهُمْ بَنُو تَمِيمِ بْنِ غَالِبِ وَمُحَارِبُ بْنُ فِهْرٍ.
قَالَ هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ: بَنُو عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ هُمَا الصَّرِيحَانِ لَا شَكَّ فِيهِمَا بِخِلَافِ أُسَامَةَ وَعَوْفٍ: أَيْ فَفِيهِمَا الْخِلَافُ. قَالَ: وَهُمْ قُرَيْشُ الْبِطَاحِ: أَيْ بِخِلَافِ قُرَيْشِ الظَّوَاهِرِ قَوْلُهُ: (نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ) الْأَعْدَادُ بِالْفَتْحِ جَمْعُ عِدٍّ بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ: وَهُوَ الْمَاءُ الَّذِي لَا انْقِطَاعَ لَهُ. وَغَفَلَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِمَكَّةَ، وَقَوْلُ بُدَيْلُ هَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ وَأَنَّ قُرَيْشًا سَبَقُوا إلَى النُّزُولِ عَلَيْهَا فَلِذَا عَطِشَ الْمُسْلِمُونَ حَيْثُ نَزَلُوا عَلَى الثَّمَدِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ: (مَعَهُمْ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ) الْعُوذُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ: جَمْعُ عَائِذٍ وَهِيَ النَّاقَةُ ذَاتُ اللَّبَنِ، وَالْمَطَافِيلُ الْأُمَّهَاتُ اللَّاتِي مَعَهَا أَطْفَالُهَا، يُرِيدُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَهُمْ بِذَوَاتِ الْأَلْبَانِ مِنْ الْإِبِلِ لِيَتَزَوَّدُوا أَلْبَانَهَا وَلَا يَرْجِعُوا حَتَّى يَمْنَعُوهُ، أَوْ كَنَّى بِذَلِكَ عَنْ النِّسَاءِ مَعَهُنَّ الْأَطْفَالُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَهُمْ بِنِسَائِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ لِإِرَادَةِ طُولِ الْمُقَامِ، وَلِيَكُونَ أَدْعَى إلَى عَدَمِ الْفِرَارِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَيُحْتَمَلُ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْأَعَمِّ. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: كُلُّ أُنْثَى إذَا وَضَعَتْ فَهِيَ إلَى سَبْعَةِ أَيَّامٍ عَائِذٍ وَالْجَمْعُ عُوذٌ كَأَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُعَوِّذُ وَلَدَهَا وَتَلْتَزِمُ الشُّغْلَ بِهِ. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ هُوَ الَّذِي يَعُوذُ بِهَا لِأَنَّهَا تَعْطِفُ عَلَيْهِ بِالشَّفَقَةِ وَالْحُنُوِّ كَمَا قَالُوا تِجَارَةٌ رَابِحَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَرْبُوحًا فِيهَا. وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ مَعَهُمْ " الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ ".
قَوْلُهُ: (قَدْ نَهَكَتْهُمْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْهَاءِ: أَيْ أَبْلَغَتْ فِيهِمْ حَتَّى أَضْعَفَتْهُمْ إمَّا أَضْعَفَتْ قُوَّتَهُمْ وَإِمَّا أَضْعَفَتْ أَمْوَالَهُمْ قَوْلُهُ: (مَادَدْتُهُمْ) أَيْ جَعَلْتُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مُدَّةً تُتْرَكُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِيهَا، وَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ الْمَذْكُورِينَ سَائِرُ كُفَّارِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَظْهَرْ فَإِنْ شَاءُوا) هُوَ شَرْطٌ بَعْدَ شَرْطٍ، وَالتَّقْدِيرُ فَإِنْ ظَهَرَ عَلَى غَيْرِهِمْ كَفَاهُمْ الْمَئُونَةَ وَإِنْ أَظْهَرْ أَنَا عَلَى غَيْرِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا أَطَاعُونِي وَإِلَّا فَلَا تَنْقَضِي مُدَّةُ الصُّلْحِ إلَّا وَقَدْ جَمُّوا: أَيْ اسْتَرَاحُوا، وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْمَضْمُومَةِ: أَيْ قَوَوْا.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ «وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا قَاتَلُوا وَبِهِمْ قُوَّةٌ» وَإِنَّمَا رَدَّدَ الْأَمْرَ مَعَ أَنَّهُ جَازِمٌ بِأَنَّ اللَّهَ سَيَنْصُرُهُ وَيُظْهِرُهُ لِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ بِذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّنَزُّلِ مَعَ الْخَصْمِ وَفَرْضِ الْأَمْرِ كَمَا زَعَمَ الْخَصْمُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلِهَذِهِ النُّكْتَةِ حُذِفَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ التَّصْرِيحُ بِظُهُورِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، لَكِنْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ، وَلَفْظُهُ «فَإِنْ أَصَابُونِي كَانَ الَّذِي أَرَادُوا» وَلِابْنِ عَائِذٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ الزُّهْرِيِّ «فَإِنْ ظَهَرَ النَّاسُ عَلَيَّ فَذَلِكَ الَّذِي يَبْتَغُونَ» ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَذْفَ وَقَعَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ تَأَدُّبًا قَوْلُهُ: (حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي) السَّالِفَةُ بِالْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بَعْدَهَا فَاءٌ: صَفْحَةُ الْعُنُقِ، وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنْ الْقَتْلِ. قَالَ الدَّاوُدِيُّ: الْمُرَادُ الْمَوْتُ: أَيْ حَتَّى أَمُوتَ وَأَبْقَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute