. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الْمُبَالَغَةَ فِي سَبِّ عُرْوَةَ بِإِقَامَةِ مَنْ كَانَ يَعْبُدُهَا مَقَامَ أُمِّهِ، وَحَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ مَا أَغْضَبَهُ مِنْ نِسْبَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَى الْفِرَارِ.
وَفِيهِ جَوَازُ النُّطْقِ بِمَا يُسْتَبْشَعُ مِنْ الْأَلْفَاظِ لِإِرَادَةِ زَجْرِ مَنْ بَدَا مِنْهُ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ ذَلِكَ
قَوْلُهُ: (لَوْلَا يَدٌ) أَيْ نِعْمَةٌ. وَقَدْ بَيَّنَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْآفَاقِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْيَدَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ أَنَّ عُرْوَةَ كَانَ تَحَمَّلَ بِدِيَةٍ فَأَعَانَهُ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ بِعَوْنٍ حَسَنٍ.
وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ بِعَشْرِ قَلَائِصَ قَوْلُهُ: (بِنَعْلِ السَّيْفِ) هُوَ مَا يَكُونُ أَسْفَلَ الْقِرَابِ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَوْلُهُ: (أَخِّرْ يَدَكَ) فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ التَّأْخِيرِ، زَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ " قَبْلَ أَنْ لَا تَصِلَ إلَيْكَ " قَوْلُهُ: (أَيْ غُدَرُ) بِالْمُعْجَمَةِ بِوَزْنِ عُمَرَ مَعْدُولٌ عَنْ غَادِرٍ مُبَالَغَةٌ فِي وَصْفِهِ بِالْغَدْرِ قَوْلُهُ: (أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ) أَيْ فِي دَفْعِ شَرِّ غُدْرَتِكَ. وَقَدْ بَسَطَ الْقِصَّةَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَابْنُ الْكَلْبِيِّ وَالْوَاقِدِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ خَرَجَ الْمُغِيرَةُ لِزِيَارَةِ الْمُقَوْقَسِ بِمِصْرَ هُوَ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ نَفَرًا مِنْ ثَقِيفٍ مِنْ بَنِي مَالِكٍ، فَأَحْسَنَ إلَيْهِمْ وَأَعْطَاهُمْ وَقَصَّرَ بِالْمُغِيرَةِ، فَحَصَلَتْ لَهُ الْغَيْرَةُ مِنْهُمْ، فَلَمَّا كَانُوا بِالطَّرِيقِ شَرِبُوا الْخَمْرَ، فَلَمَّا سَكِرُوا وَنَامُوا وَثَبَ الْمُغِيرَةُ فَقَتَلَهُمْ وَلَحِقَ بِالْمَدِينَةِ فَأَسْلَمَ، فَتَهَايَجَ الْفَرِيقَانِ بَنُو مَالِكٍ وَالْأَحْلَافُ رَهْطُ الْمُغِيرَةِ، فَسَعَى عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ وَهُوَ عَمُّ الْمُغِيرَةِ حَتَّى أَخَذُوا مِنْهُ دِيَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ نَفْسًا، وَالْقِصَّةُ طَوِيلَةٌ
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْمَالُ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ) أَيْ لَا أَتَعَرَّضُ لَهُ لِكَوْنِهِ مَأْخُوذًا عَلَى طَرِيقَةِ الْغَدْرِ. وَاسْتُفِيدَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ أَمْوَالَ الْكُفَّارِ غَدْرًا فِي حَالِ الْأَمْنِ؛ لِأَنَّ الرُّفْقَةَ يُصْطَحَبُونَ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَالْأَمَانَةُ تُؤَدَّى إلَى أَهْلِهَا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، فَإِنَّ أَمْوَالَ الْكُفَّارِ إنَّمَا تَحِلُّ بِالْمُحَارَبَةِ وَالْمُغَالَبَةِ، وَلَعَلَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ الْمَالَ فِي يَدِهِ لَإِمْكَانِ أَنْ يُسْلِمَ قَوْمُهُ فَيَرُدُّ إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ قَوْلُهُ: (يَرْمُقُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَآخِرُهُ قَافٌ: أَيْ يَلْحَظُ قَوْلُهُ: (مَا يُحِدُّونَ إلَيْهِ النَّظَرَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ يُدِيمُونَ
قَوْلُهُ: (وَوَفَدْت عَلَى قَيْصَرَ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَخَصَّ قَيْصَرَ وَمَنْ بَعْدَهُ لِكَوْنِهِمْ أَعْظَمَ مُلُوكِ ذَلِكَ الزَّمَانِ قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ) فِي رِوَايَةِ الْآفَاقِيِّ " فَقَامَ الْحُلَيْسُ " بِمُهْمَلَتَيْنِ. مُصَغَّرًا، وَسَمَّى ابْنُ إِسْحَاقَ وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ أَبَاهُ عَلْقَمَةَ وَهُوَ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ قَوْلُهُ: (فَابْعَثُوهَا لَهُ) أَيْ أَثِيرُوهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ " فَلَمَّا رَأَى الْهَدْيَ يَسِيلُ عَلَيْهِ مِنْ عَرْضِ الْوَادِي بِقَلَائِدِهِ قَدْ حُبِسَ عَنْ مَحَلِّهِ رَجَعَ وَلَمْ يَصِلْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَعِنْدَ الْحَاكِمِ " أَنَّهُ صَاحَ الْحُلَيْسُ: هَلَكَتْ قُرَيْشٌ وَرَبُّ الْكَعْبَةِ، إنَّ الْقَوْمَ إنَّمَا أَتَوْا عُمَّارًا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَلَ يَا أَخَا بَنِي كِنَانَةَ فَأَعْلِمْهُمْ بِذَلِكَ ". قَالَ الْحَافِظُ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَاطَبَهُ عَلَى بُعْدٍ قَوْلُهُ: (مِكْرَزُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا زَايٌ. وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ قَوْلُهُ: (وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ " غَادِرٌ " وَرَجَّحَهَا الْحَافِظُ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا فِي مَغَازِي الْوَاقِدِيِّ " أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا غَدْرًا "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute