. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
وَخَرَجَ الْمَوْلَى يَشْتَدُّ " أَيْ هَرَبًا
قَوْلُهُ: (ذُعْرًا) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ خَوْفًا
قَوْلُهُ: (قُتِلَ صَاحِبِي) بِضَمِّ الْقَافِ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ الَّذِي يَجِيءُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فِي زَمَنِ الْهُدْنَةِ قَتْلُ مَنْ جَاءَ فِي طَلَبِ رَدِّهِ إذَا شَرَطَ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُنْكِرْ عَلَى أَبِي بَصِيرٍ قَتْلَهُ لِلْعَامِرِيِّ وَلَا أَمَرَ فِيهِ بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ
قَوْلُهُ: (وَيْلُ امِّهِ) بِضَمِّ اللَّامِ وَوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ: وَهِيَ كَلِمَةُ ذَمٍّ تَقُولُهَا الْعَرَبُ فِي الْمَدْحِ وَلَا يَقْصِدُونَ مَعْنَى مَا فِيهَا مِنْ الذَّمِّ؛ لِأَنَّ الْوَيْلَ: الْهَلَاكُ، فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ: لِأُمِّهِ الْوَيْلُ وَلَا يَقْصِدُونَ، وَالْوَيْلُ يُطْلَقُ عَلَى الْعَذَابِ وَالْحَرْبِ وَالزَّجْرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ فِي قَوْلِهِ لِأَعْرَابِيٍّ " وَيْلُكَ " قَالَ الْفَرَّاءُ: أَصْلُهُ وَيْ فُلَانٍ: أَيْ لِفُلَانٍ: أَيْ حَزِنَ لَهُ فَكَثُرَ الِاسْتِعْمَالُ فَأَلْحَقُوا بِهَا اللَّامَ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مِنْهَا وَأَعْرَبُوهَا، وَتَبِعَهُ ابْنُ مَالِكٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ تَبَعًا لِلْخَلِيلِ: إنَّ وَيْ كَلِمَةُ تَعَجُّبِ وَهِيَ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ وَاللَّامُ بَعْدَهَا مَكْسُورَةٌ، وَيَجُوزَ ضَمُّهَا اتِّبَاعًا لِلْهَمْزَةِ، وَحُذِفَتْ الْهَمْزَةُ تَخْفِيفًا، وَأَصْلُهُ مِنْ مُسَعِّرِ حَرْبٍ: أَيْ يُسَعِّرُهَا. قَالَ الْخَطَّابِيِّ: يَصِفُهُ بِالْإِقْدَامِ فِي الْحَرْبِ وَالتَّسْعِيرِ لِنَارِهَا
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ لَهُ أَحَدٌ) أَيْ يُنَاصِرُهُ وَيُعَاضِدُهُ قَوْلُهُ: (سِيفَ الْبَحْرِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا فَاءٌ: أَيْ سَاحِلُهُ (قَوْلُهُ عِصَابَةٌ)
أَيْ جَمَاعَةٌ وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، وَهِيَ تُطْلَقُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَمَا دُونِهَا.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ " أَنَّهُمْ بَلَغُوا نَحْوَ السَّبْعِينَ نَفْسًا " وَزَعَمَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّهُمْ بَلَغُوا ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ
قَوْلُهُ: (مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ بِخَبَرِ عِيرٍ، وَهِيَ الْقَافِلَةُ
قَوْلُهُ: (فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَيْهِمْ) فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ «فَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أَبِي بَصِيرٍ فَقَدِمَ كِتَابُهُ وَأَبُو بَصِيرٍ يَمُوتُ، فَمَاتَ وَكِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَدِهِ، فَدَفَنَهُ أَبُو جَنْدَلٍ مَكَانَهُ وَجَعَلَ عِنْدَ قَبْرِهِ مَسْجِدًا» .
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ مِثْلَ أَبِي بَصِيرٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ. وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو لَمَّا بَلَغَهُ قَتْلُ الْعَامِرِيِّ طَلَبَ بِدِيَتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ رَهْطِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ: لَيْسَ عَلَى مُحَمَّدٍ مُطَالَبَةٌ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ وَفَّى بِمَا عَلَيْهِ وَأَسْلَمَهُ لِرَسُولِكُمْ وَلَمْ يَقْتُلْهُ بِأَمْرِهِ، وَلَا عَلَى أَبِي بَصِيرٍ أَيْضًا شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى دِينِهِمْ
قَوْلُهُ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ} [الفتح: ٢٤] ظَاهِرُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ أَبِي بَصِيرٍ. وَالْمَشْهُورُ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَرَادُوا مِنْ قُرَيْشٍ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِرَّةً فَظَفِرُوا بِهِمْ وَعَفَا عَنْهُمْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَتْ الْآيَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ فِي نُزُولِهَا غَيْرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: (عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ سَعْدٍ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ. وَوَقَعَ فِي مَغَازِي ابْنِ عَائِذٍ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ