. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الْفَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ: زَوَالُ الْمَفْصِلِ، فُدِعَتْ يَدَاهُ: إذَا أُزِيلَتَا مِنْ مَفَاصِلِهِمَا. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْفَدَعُ: عِوَجٌ فِي الْمَفَاصِلِ وَفِي خَلْقِ الْإِنْسَانِ إذَا زَاغَتْ الْقَدَمُ مِنْ أَصْلِهَا مِنْ الْكَعْبِ وَطَرَفِ السَّاقِ فَهُوَ الْفَدَعُ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هُوَ زَيْغٌ فِي الْكَفِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّاعِدِ، وَفِي الرِّجْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّاقِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ السَّكَنِ " شَدَعَ " بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بَدَلَ الْفَاءِ، وَجَزَمَ بِهِ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ وَهْمٌ لِأَنَّ الشَّدْغَ بِالْمُعْجَمَةِ كَسْرُ الشَّيْءِ الْمُجَوَّفِ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ، وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لِابْنِ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَاَلَّذِي فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بِالْفَاءِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: كَانَ الْيَهُودُ سَحَرُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَالْتَفَّتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا ضَرَبُوهُ، وَالْوَاقِعُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّهُمْ أَلْقَوْهُ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ
قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَئِيسُهُمْ: لَا تُخْرِجْنَا) لَعَلَّ فِي الْكَلَامِ مَحْذُوفًا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فِي الشُّرُوطِ بِلَفْظِ " وَقَدْ رَأَيْت إجْلَاءَهُمْ فَلَمَّا أَجْمَعَ. . . إلَخْ " فَيَكُونُ الْمَحْذُوفُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ هُوَ هَذَا: أَيْ لَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى إجْلَائِهِمْ. قَالَ رَئِيسُهُمْ: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ سَبَبَ الْإِجْلَاءِ هُوَ مَا فَعَلُوهُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا لَا يَقْتَضِي حَصْرَ السَّبَبِ فِي إجْلَاءِ عُمَرَ إيَّاهُمْ، وَقَدْ وَقَعَ لِي فِيهِ سَبَبَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةُ قَالَ: مَا زَالَ عُمَرُ حَتَّى وَجَدَ الثَّبْتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَجْتَمِعُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ» ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ عَهْدٌ فَلْيَأْتِ بِهِ أُنْفِذْهُ لَهُ وَإِلَّا فَإِنِّي مُجْلِيكُمْ فَأَجْلَاهُمْ " أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ. وَثَانِيهِمَا رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ قَالَ: لَمَّا كَثُرَ الْعِيَالُ: أَيْ الْخَدَمُ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ وَقَوُوا عَلَى الْعَمَلِ فِي الْأَرْضِ أَجْلَاهُمْ عُمَرُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ جُزْءَ عِلَّةٍ فِي إخْرَاجِهِمْ. وَالْإِجْلَاءُ: الْإِخْرَاجُ عَنْ الْمَالِ وَالْوَطَنِ عَلَى وَجْهِ الْإِزْعَاجِ وَالْكَرَاهَةِ اهـ
قَوْلُهُ: (كَيْفَ بِك إذَا رَقَصَتْ بِك رَاحِلَتُكَ) أَيْ ذَهَبَتْ بِك رَاقِصَةً نَحْوَ الشَّامِ، وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ " تَعْدُو بِك قَلُوصُكَ " وَالْقَلُوصُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ: النَّاقَةُ الصَّابِرَةُ عَلَى السَّيْرِ، وَقِيلَ: الشَّابَّةُ، وَقِيلَ: أَوَّلُ مَا تُرْكَبُ مِنْ إنَاثِ الْإِبِلِ، وَقِيلَ: الطَّوِيلَةُ الْقَوَائِمِ، فَأَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى إخْرَاجِهِمْ مِنْ خَيْبَرَ، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ إخْبَارِهِ بِالْمُغَيَّبَاتِ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ رَقَصَتْ: أَيْ أَسْرَعَتْ
قَوْلُهُ: (نَحْوَ الشَّامِ) قَدْ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ أَجْلَاهُمْ إلَى تَيْمَاءَ وَأَرْيِحَاءَ، وَقَدْ وَهِمَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي نِسْبَةِ جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ إلَى الْبُخَارِيِّ، وَلَعَلَّهُ نَقَلَ لَفْظَ الْحُمَيْدِيِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ وَالْحُمَيْدِيِّ كَأَنَّهُ نَقَلَ السِّيَاقَ مِنْ مُسْتَخْرَجِ الْبَرْقَانِيِّ كَعَادَتِهِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَيْسَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي مُسْتَخْرَجِ الْبَرْقَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ. وَكَذَلِكَ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ بِلَفْظِ الْبَرْقَانِيِّ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَغَوِيِّ فِي فَوَائِدِهِ، وَلَعَلَّ الْحُمَيْدِيِّ ذَهِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute