الْبُخَارِيُّ) . (
ــ
[نيل الأوطار]
حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ مُرْسَلٌ.
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ ثَلَاثِ طُرُقٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقَيْنِ وَجَمِيعُ رِجَالِهِ لَا مَطْعَنَ فِيهِمْ قَوْلُهُ: (مِقْلَاةً) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ. قَالَ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ: هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ قَوْلُهُ: (فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الْوَثَنِيُّ الدُّخُولَ فِي الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ جَازَ تَقْرِيرُهُ عَلَى ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَلْتَزِمَ بِمَا وَضَعَهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ قَوْلُهُ: (مَا شَأْنُ أَهْلِ الشَّامِ. . . إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا الْأَثَرِ إلَى جَوَازِ التَّفَاوُتِ فِي الْجِزْيَةِ وَأَقَلُّ الْجِزْيَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ دِينَارٌ، فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ لِحَدِيثِ مُعَاذٍ الْمُتَقَدِّمِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ وَظَاهِرُهُ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَخَصَّتْهُ الْحَنَفِيَّةُ بِالْفَقِيرِ. قَالُوا: وَأَمَّا الْمُتَوَسِّطُ فَعَلَيْهِ دِينَارَانِ وَعَلَى الْغَنِيِّ أَرْبَعَةٌ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِأَثَرِ مُجَاهِدٍ الْمَذْكُورِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُمَاكِسَ حَتَّى يَأْخُذَهَا مِنْهُمْ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ الْهَادِي وَالْقَاسِمِ وَالْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ الْفَقِيرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قَفْلَةً، وَمِنْ الْغَنِيِّ ثَمَانِيًا وَأَرْبَعِينَ، وَمِنْ الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ. وَتَمَسَّكُوا بِمَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ بَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ بِوَضْعِ الْجِزْيَةِ عَلَى أَهْلِ السَّوَادِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ وَأَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَاثْنَيْ عَشْرَ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا عَلَى حِسَابِ الدِّينَارِ بِاثْنَيْ عَشْرَ. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقٍ مُرْسَلَةٍ بِلَفْظِ " إنَّ عُمَرَ ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى الْغَنِيِّ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَعَلَى الْفَقِيرِ الْمُكْتَسِبِ اثْنَيْ عَشْرَ " وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ " أَنَّهُ وَضَعَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ ". وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: " دِينَارُ الْجِزْيَةِ اثْنَا عَشْرَ دِرْهَمًا ".
قَالَ: وَيُرْوَى عَنْهُ بِإِسْنَادٍ ثَابِتٍ: " عَشْرَةُ دَرَاهِمَ " قَالَ: وَوَجْهُهُ التَّقْوِيمُ بِاخْتِلَافِ السِّعْرِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَزِيدُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ، وَيَنْقُصُ مِنْهَا عَمَّنْ لَا يُطِيقُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَهُ عَلَى حِسَابِ الدِّينَارِ بِعَشْرَةٍ، وَالْقَدْرُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ دِينَارٌ.
وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ لَهُ أَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَى فَقِيرٍ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا حَكَاهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَلَعَلَّ مَا وَقَعَ مِنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الدِّينَارِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدًّا مَحْدُودًا، أَوْ أَنَّ حَدِيثَ مُعَاذٍ الْمُتَقَدِّمَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا، وَأَنَّ الْجِزْيَةَ نَوْعٌ مِنْ الصُّلْحِ كَمَا قَدَّمْنَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْهَادِي أَنَّ الْغَنِيَّ مِنْ يَمْلِكُ أَلْفَ دِينَارٍ نَقْدًا وَبِثَلَاثَةِ آلَافِ دِينَارٍ عُرُوضًا، وَيَرْكَبُ الْخَيْلَ وَيَتَخَتَّمُ الذَّهَبَ. وَقَالَ الْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ: إنَّ الْغَنِيَّ هُوَ الْعُرْفِيُّ، وَقَوَّاهُ الْمَهْدِيُّ، وَقَالَ الْمَنْصُورُ بِاَللَّهِ: بَلْ الشَّرْعِيُّ
١ -
قَالَ فِي الْفَتْحِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute