٣٤٨٢ - (وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ أَعْطَى الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَهْلُ نَجْرَانَ وَكَانُوا نَصَارَى رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ) .
٣٤٨٣ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَكُونُ مِقْلَاةً، فَتَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهَا إنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ أَنْ تُهَوِّدَهُ، فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ كَانَ فِيهِمْ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ فَقَالُوا: لَا نَدَعُ أَبْنَاءَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦] رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَثَنِيَّ إذَا تَهَوَّدَ يُقَرُّ وَيَكُونُ كَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) .
٣٤٨٤ - (وَعَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: قُلْتُ لَمُجَاهِدٍ: مَا شَأْنُ أَهْلِ الشَّامِ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَأَهْلِ الْيَمَنِ عَلَيْهِمْ دِينَارٌ؟ قَالَ: جُعِلَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْيَسَارِ أَخْرَجَهُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
الْعُشُورِ هُوَ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُصَالِحُوا عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ غَيْرُ الْجِزْيَةِ انْتَهَى. وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالزَّيْدِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: يُؤْخَذُ مِنْ تُجَّارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفُ عُشْرِ مَا يَتَّجِرُونَ بِهِ إذَا كَانَ نِصَابًا، وَكَانَ ذَلِكَ الِاتِّجَارُ بِأَمَانِنَا. وَيُؤْخَذُ مِنْ تُجَّارِ أَهْلِ الْحَرْبِ مِقْدَارُ مَا يَأْخُذُونَ مِنْ تُجَّارِنَا. فَإِنْ الْتَبَسَ الْمِقْدَارُ وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْعُشْرِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ لَهُ: أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ: لَا أَعْمَلُ لَك عَمَلًا حَتَّى تَكْتُبَ لِي عَهْدَ عُمَرَ الَّذِي كَانَ عَهِدَ إلَيْكَ، فَكَتَبَ لِي أَنْ تَأْخُذَ لِي مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ رُبْعَ الْعُشْرِ، وَمِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا اخْتَلَفُوا لِلتِّجَارَةِ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَمِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ الْعُشْرَ وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى الْعُشُورِ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ تُجَّارِ أَهْلِ الْحَرْبِ الْعُشْرَ، وَمِنْ تُجَّارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَمِنْ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ رُبْعَ الْعُشْرِ وَأَخْرَجَ مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ " كَانَ عُمَرُ يَأْخُذُ مِنْ الْقِبْطِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ نِصْفَ الْعُشْرِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُكْثِرَ الْحِمْلَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَلَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْهُمْ إلَّا فِي السَّنَةِ مَرَّةً لَظَاهِرِ اقْتِرَانِهِ بِرُبْعِ الْعُشْرِ الَّذِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَأَمَّا اشْتِرَاطُ النِّصَابِ وَالِانْتِقَالِ بِأَمَانِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الزَّيْدِيَّةِ فَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ السُّنَّةِ أَوْ أَفْعَالِ أَصْحَابِهِ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَفِعْلُ عُمَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً لَكِنَّهُ قَدْ عَمَلَ النَّاسُ بِهِ قَاطِبَةً فَهُوَ إجْمَاعٌ سُكُوتِيٌّ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَسْلَمُ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْأَصْلُ تَحْرِيمُ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ، وَالْحَدِيثُ مُحْتَمَلٌ.
وَقَدْ اسْتَنْبَطَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الْمَنْعَ مِنْ إحْدَاثِ بَيْعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حِزَامِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: كَتَبَ إلَيْنَا عُمَرُ " أَدِّبُوا الْخَيْلَ، وَلَا يُرْفَعُ بَيْنَ ظَهْرَانِيكُمْ الصَّلِيبُ، وَلَا تُجَاوِرُكُمْ الْخَنَازِيرُ " وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَافِظُ الْحَرَّانِيِّ وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا «لَا تُبْنَى كَنِيسَةٌ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يُجَدَّدُ مَا خَرِبَ مِنْهَا» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: " كُلُّ مِصْرٍ مَصَّرَهُ الْمُسْلِمُونَ لَا تُبْنَى فِيهِ بِيَعَةٌ وَلَا كَنِيسَةٌ وَلَا يُضْرَبُ فِيهِ نَاقُوسٌ وَلَا يُبَاعُ فِيهِ لَحْمُ خِنْزِيرٍ " وَفِي إسْنَادِهِ حَنَشٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَسْلَمَ " أَنَّ عُمَرَ أَمَرَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ تُجَزَّ نَوَاصِيهِمْ، وَأَنْ يَرْكَبُوا عَلَى الْأَكُفِّ عَرَضًا وَلَا يَرْكَبُوا كَمَا يَرْكَبُ الْمُسْلِمُونَ، وَأَنْ يُوَثِّقُوا الْمَنَاطِقَ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنِي الزَّنَانِيرَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ " أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ يَخْتِمُوا رِقَابَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِخَاتَمِ الرَّصَاصِ، وَأَنْ تُجَزَّ نَوَاصِيهِمْ، وَأَنْ تُشَدَّ الْمَنَاطِقُ "
وَحَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ اسْتَدَلَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَنَّ إرَادَةَ الْقَتْلِ مِنْ الذِّمِّيِّ لَا يَنْتَقِضُ بِهَا عَهْدُهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقْتُلْهَا بَعْدَ أَنْ اعْتَرَفَتْ بِذَلِكَ، وَالْقِصَّةُ مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute