للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٤٩٨ - (وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ: أَسْلِمْ، فَنَظَرَ إلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ، فَأَسْلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ بِي مِنْ النَّارِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ أَنَّ غُلَامًا يَهُودِيًّا كَانَ يَضَعُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَضُوءَهُ وَيُنَاوِلُهُ نَعْلَيْهِ فَمَرِضَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ) .

ــ

[نيل الأوطار]

أَيْ الْحِجَارَةِ وَهَذَا ضَعِيفٌ.

قَالَ الْخَطَّابِيِّ: عَامَّةُ الْمُحَدِّثِينَ يَرْوُونَ هَذَا الْحَرْفَ " وَعَلَيْكُمْ " بِالْوَاوِ، وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَرْوِيهِ بِغَيْرِ وَاوٍ، وَقَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَذَفَ الْوَاوَ صَارَ كَلَامُهُمْ بِعَيْنِهِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمْ خَاصَّةً، وَإِذَا ثَبَتَ الْوَاوَ اقْتَضَى الشَّرِكَةَ مَعَهُمْ فِيمَا قَالُوهُ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالصَّوَابُ أَنَّ إثْبَاتَ الْوَاوِ جَائِزٌ كَمَا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ، وَأَنَّ الْوَاوَ أَجْوَدُ وَلَا مَفْسَدَةَ فِيهِ لِأَنَّ السَّامَ الْمَوْتُ وَهُوَ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ فَلَا ضَرَرَ فِي الْمَجِيءِ بِالْوَاوِ. وَحَكَى النَّوَوِيُّ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْإِجْمَاعَ الْمُتَقَدِّمَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ السَّلَامُ.

قَالَ: وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ، وَلَكِنْ لَا يَقُولُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ. قَالَ: وَيَجُوزُ الِابْتِدَاءُ عَلَى جَمْعٍ فِيهِمْ مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ أَوْ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ، يَقْصِدُ الْمُسْلِمِينَ لِلْحَدِيثِ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سَلَّمَ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلَاطٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ» قَوْلُهُ: (إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ) هَذَا مِنْ عَظِيمِ خُلُقِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَمَالِ حِلْمِهِ.

وَفِيهِ حَثٌّ عَلَى الرِّفْقِ وَالصَّبْرِ وَالْحِلْمِ وَمُلَاطَفَةِ النَّاسِ مَا لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى الْمُخَاشَنَةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ تَغَافُلِ أَهْلِ الْفَضْلِ عَنْ سَفَهِ الْمُبْطِلِينَ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْكَيِّسُ الْعَاقِلُ: هُوَ الْفَطِنُ الْمُتَغَافِلُ

قَوْلُهُ: (كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ) زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ اسْمُهُ عَبْدُ الْقُدُّوسِ وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ زِيَارَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا كَانَ الزَّائِرُ يَرْجُو بِذَلِكَ حُصُولَ مَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ كَإِسْلَامِ الْمَرِيضِ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: قِيلَ يُعَادُ الْمُشْرِكُ لِيُدْعَى إلَى الْإِسْلَامِ إذَا رُجِيَ إجَابَتُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْيَهُودِيَّ أَسْلَمَ حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْإِسْلَامَ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَطْمَعْ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يَرْجُو إجَابَتَهُ فَلَا يَنْبَغِي عِيَادَتُهُ، وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إنَّهَا إنَّمَا تُشْرَعُ عِيَادَةُ الْمُشْرِكِ إذَا رُجِيَ أَنْ يُجِيبَ إلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَطْمَعْ فِي ذَلِكَ فَلَا.

قَالَ الْحَافِظُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ، فَقَدْ يَقَعُ بِعِيَادَتِهِ مَصْلَحَةٌ أُخْرَى. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: عِيَادَةُ الذِّمِّيِّ جَائِزَةٌ، وَالْقُرْبَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى نَوْعِ حُرْمَةٍ تَقْتَرِنُ بِهَا مِنْ جِوَارٍ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>