. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
خُذْهُ، قَالَ: خُذْهُ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ بِهِ، قُلْت: قَدْ اسْتَغْنَيْنَا عَنْهُ فَجَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ " قَوْلُهُ: (وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ وَبَعْدَهَا زَايٌ قَوْلُهُ: (أَنَّ نَجْدَةَ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ بَعْدَهَا دَالٌ مُهْمَلَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْبُخَارِيِّ قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ قَبْلَ أُحُدٍ، هَكَذَا ذَكَرَهُ مُعَلَّقًا، وَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَتَمَّ مِنْ هَذَا، وَهُوَ فِي حَدِيثٍ عَنْ عُرْوَةَ " ثُمَّ كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي النَّضِيرِ وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْعَةِ بَدْرٍ، وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ وَنَخْلُهُمْ بِنَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ، فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلَاءِ، وَعَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا أَقَلَّتْ الْإِبِلُ مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالْأَمْوَالِ إلَّا الْحَلْقَةَ، يَعْنِي السِّلَاحَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ {سَبَّحَ لِلَّهِ} [الحشر: ١] إلَى قَوْلِهِ: {لأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: ٢] وَقَاتَلَهُمْ حَتَّى صَالَحَهُمْ عَلَى الْجَلَاءِ، فَأَجْلَاهُمْ إلَى الشَّامِ وَكَانُوا مِنْ سِبْطٍ لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ فِيمَا خَلَا، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ كَتَبَ عَلَيْهِمْ الْجَلَاءَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ.
وَحَكَى ابْنُ التِّينِ عَنْ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ رَجَّحَ مَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ أَنَّ غَزْوَةَ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ بَعْدَ بِئْرِ مَعُونَةَ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ} [الأحزاب: ٢٦] قَالَ: وَذَلِكَ فِي قِصَّةِ الْأَحْزَابِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ وَاهٍ، فَإِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَإِنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ: أَيْ مِنْ الْأَحْزَابِ، وَأَمَّا بَنُو النَّضِيرِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي الْأَحْزَابِ ذِكْرٌ، بَلْ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي جَمْعِ الْأَحْزَابِ مَا وَقَعَ مِنْ إجْلَائِهِمْ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ رُءُوسِهِمْ حُيَيِّ بْنُ أَخْطَبَ، وَهُوَ الَّذِي حَسَّنَ لِبَنِي قُرَيْظَةَ الْغَدْرَ وَمُوَافَقَةَ الْأَحْزَابِ حَتَّى كَانَ مِنْ هَلَاكِهِمْ مَا كَانَ فَكَيْفَ يَصِيرُ السَّابِقُ لَاحِقًا انْتَهَى.
وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْ مَصَارِفِ الْخُمُسِ قُرْبَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثٍ " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَقْسِمُ الْخُمُسَ نَحْوَ قَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُعْطِي قُرْبَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ عُمَرُ يُعْطِيهِمْ مِنْهُ وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ: إنَّ الْإِمَامَ يَقْسِمُ الْخُمُسَ حَيْثُ شَاءَ بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ قَالَتْ: «أَصَابَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبْيًا، فَذَهَبْتُ أَنَا وَأُخْتِي فَاطِمَةُ نَسْأَلُهُ، فَقَالَ: سَبَقَتْكُمَا يَتَامَى بَدْرٍ» وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ، فَبَلَغَهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِسَبْيٍ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَلَا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا فَذَكَرَ الذِّكْرَ عِنْدَ النَّوْمِ» قَالَ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي: هَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْسِمَ الْخُمُسَ حَيْثُ يَرَى لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ اسْتِحْقَاقٌ لِلْغَانِمِينَ، وَاَلَّذِي يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ هُوَ الْخُمُسُ.
وَقَدْ مَنَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنَتَهُ وَأَعَزَّ النَّاسَ عَلَيْهِ مِنْ قَرَابَتِهِ وَصَرَفَهُ إلَى غَيْرِهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute