عُثْمَانَ أَيْضًا " أَنَّهُ كَانَ يُفَاضِل بَيْنَ النَّاسِ كَمَا كَانَ عُمَرُ يُفَاضِلُ " قَوْلُهُ: (وَمَا أَنَا أَحَقُّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ كَسَائِرِ النَّاسِ لَا فَضْلَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ فِي تَقْدِيمٍ وَلَا تَوْفِيرِ نَصِيبٍ
٣٥١١ - (وَعَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: كَانَ عَطَاءُ الْبَدْرِيِّينَ خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ، وَقَالَ عُمَرُ: لَأُفَضِّلَنَّهُمْ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ) .
٣٥١٢ - (وَعَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ كَانَ فَرَضَ لِلْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَفَرَضَ لِابْنِ عُمَرَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَخَمْسَمِائَةٍ، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ فَلِمَ
ــ
[نيل الأوطار]
قَوْلُهُ: (إلَّا عَبْدًا مَمْلُوكًا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا نَصِيبَ لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ فِي الْمَالِ الْمَذْكُورِ، وَلَكِنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمَ قَرِيبًا الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى بِظَبْيَةٍ فِيهَا خَرَزٌ فَقَسَمَهَا لِلْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ» وَقَوْلُ عَائِشَةَ: " إنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يَقْسِمُ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَقْوَالَ الصَّحَابَةِ لَا تُعَارِضُ الْمَرْفُوعَ، فَمَنْعُ الْعَبِيدِ اجْتِهَادٌ مِنْ عُمَرَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَعْطَى الْأَمَةَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَبْدِ، وَلِهَذَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُعْطِي الْعَبِيدَ. قَوْلُهُ: (وَلَكِنَّا عَلَى مَنَازِلِنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَقَسْمِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) - فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ التَّفْضِيلَ لَمْ يَقَعْ مِنْ عُمَرَ بِمُجَرَّدِ الِاجْتِهَادِ، وَأَنَّهُ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَغَنَاؤُهُ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْكِفَايَةُ، فَالْمُرَادُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ لَهُ فِي الْقِيَامِ بِبَعْضِ الْأُمُورِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلتَّفْضِيلِ قَوْلُهُ: (لَئِنْ بَقِيتُ لَأُوتَيَنَّ الرَّاعِيَ) فِيهِ مُبَالَغَةٌ حَسَنَةٌ لِأَنَّ الرَّاعِيَ السَّاكِنَ فِي جَبَلٍ مُنْقَطِعٍ عَنْ الْحَيِّ فِي مَكَان بَعِيدٍ إذَا نَالَ نَصِيبَهُ فَبِالْأَوْلَى أَنْ يَنَالَهُ الْقَرِيبُ مِنْ الْمُتَوَلِّي لِلْقِسْمَةِ وَمَنْ كَانَ مَعْرُوفًا مِنْ النَّاسِ وَمُخَالِطًا لَهُمْ قَوْلُهُ: (يَوْمَ الْجَابِيَةِ) بِالْجِيمِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ مُوَحَّدَةٌ: وَهِيَ مَوْضِعٌ بِدِمَشْقَ عَلَى مَا فِي الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ: (فَإِنَّا أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا) هُوَ تَعْلِيلٌ لِلْبَدَاءَةِ بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَشَقَّةً عَظِيمَةً، وَلِهَذَا جَعَلَهُ اللَّهُ قَرِينًا لِقَتْلِ الْأَنْفُسِ، وَكَذَلِكَ فِي بُعْدِ الْعَهْدِ بِالْأَوْطَانِ مَشَقَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَشَقَّةِ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِهَا، وَالْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ قَدْ أُصِيبُوا بِالْمَشَقَّتَيْنِ فَكَانُوا أَقْدَمَ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ: " وَمَنْ أَسْرَعَ فِي الْهِجْرَةِ أُسْرِعَ بِهِ فِي الْعَطَاءِ. . . إلَخْ " وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: " فَلَا يَلُومَنَّ رَجُلٌ إلَّا مُنَاخَ رَاحِلَتِهِ " الْبَيَانُ لِمَنْ تَأَخَّرَ فِي الْعَطَاءِ بِأَنَّهُ أَتَى مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ حَيْثُ تَأَخَّرَ عَنْ الْمُسَارَعَةِ إلَى الْهِجْرَةِ وَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَلَمْ يُهَاجِرْ عَلَيْهَا. وَلَكِنَّهُ كَنَّى بِالْمُنَاخِ عَنْ الْقُعُودِ عَنْ السَّفَرِ إلَى الْهِجْرَةِ، وَالْمُنَاخُ بِضَمِّ الْمِيمِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute