. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ. وَقِيلَ هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرٌ وَبِفَتْحِهَا: الْجَعْلُ وَهُوَ الثَّابِتُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ، وَقَوْلُهُ: " فِي خُفٍّ " كِنَايَةٌ عَنْ الْإِبِلِ وَالْحَافِرِ عَنْ الْخَيْلِ.
وَالنَّصْلِ عَنْ السَّهْمِ أَيْ ذِي خُفٍّ أَوْ ذِي حَافِرٍ أَوْ ذِي نَصْلٍ، وَالنَّصْلُ: حَدِيدَةُ السَّهْمِ. فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ السِّبَاقِ عَلَى جَعْلٍ، فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ غَيْرِ الْمُتَسَابِقِينَ كَالْإِمَامِ يَجْعَلُهُ لِلسَّابِقِ فَهُوَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَدِ الْمُتَسَابِقِينَ جَازَ ذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا حَكَاهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ، وَكَذَا إذَا كَانَ مَعَهُمَا ثَالِثٌ مُحَلِّلٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخْرِجَ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا لِيَخْرُجَ الْعَقْدُ عَنْ صُورَةِ الْقِمَارِ، وَهُوَ أَنْ يُخْرِجَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَبَقًا، فَمَنْ غَلَبَ أَخَذَ السَّبَقَيْنِ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَنْعِهِ كَمَا حَكَاهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ فِي الْمُحَلِّلِ أَنْ لَا يَكُونَ يَتَحَقَّقُ السَّبَقُ، وَهَكَذَا وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى جَوَازِ الْمُسَابِقَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، لَكِنْ قَصَرَهَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ وَالنَّصْلِ، وَخَصَّهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِالْخَيْلِ، وَأَجَازَهُ عَطَاءٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَقَدْ حَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ عَقْدَ الْمُسَابَقَةِ عَلَى مَالٍ بَاطِلٍ. وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ.
وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَابْنِ خَيْرَانِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَذْلُ الْمَالِ مِنْ جِهَتهِمَا وَإِنْ دَخَلَ الْمُحَلِّلُ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّبَقُ عَلَى الْفِيَلَةِ.
وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ يَحْيَى وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْأَقْدَامِ مَعَ الْعِوَضِ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ شُرُوطَ صِحَّةِ الْعَقْدِ خَمْسَةٌ: الْأَوَّلُ: كَوْنُ الْعِوَضِ مَعْلُومًا. الثَّانِي: كَوْنُ الْمُسَابَقَةِ مَعْلُومَةَ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ. الثَّالِثُ: كَوْنُ السَّبْقِ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَعْلُومًا، يَعْنِي الْمِقْدَارَ الَّذِي يَكُونُ مَنْ سَبَقَ بِهِ مُسْتَحِقًّا لِلْجَعْلِ. الرَّابِعُ: تَعْيِينُ الْمَرْكُوبِينَ. الْخَامِسُ: إمْكَانُ سَبْقِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ عُلِمَ عَجْزُ أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ إذْ الْقَصْدُ الْخِبْرَةُ قَوْلُهُ: (ضَمُرَتْ) لَفْظُ الْبُخَارِيِّ " الَّتِي أُضْمِرَتْ " وَاَلَّتِي لَمْ تُضْمَرْ بِسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ تُعْلَفَ الْخَيْلُ حَتَّى تَسْمَنَ وَتَقْوَى ثُمَّ يُقَلَّلَ عَلَفُهَا بِقَدْرِ الْقُوتِ وَتُدْخَلَ بَيْتًا وَتُغَشَّى بِالْجَلَّالِ حَتَّى تُحْمَى فَتَعْرَقَ، فَإِذَا جَفَّ عِرْقُهَا خَفَّ لَحْمُهَا وَقَوِيَتْ عَلَى الْجَرْيِ، هَكَذَا فِي الْفَتْحِ، وَذَكَرَ مِثْلَ مَعْنَاهُ فِي النِّهَايَةِ، وَزَادَ فِي الصِّحَاحِ: وَذَلِكَ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَوْلُهُ: (الْحَفْيَاءُ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ مَمْدُودَةٌ، وَيَجُوزُ الْقَصْرُ. وَحَكَى الْحَازِمِيُّ تَقْدِيمَ التَّحْتَانِيَّةِ عَلَى الْفَاءِ.
وَحَكَى عِيَاضٌ ضَمَّ أَوَّلِهِ وَخَطَّأَهُ. قَوْلُهُ: (ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ) هِيَ قَرِيبٌ مِنْ الْمَدِينَةِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوَدِّعِينَ يَمْشُونَ مَعَ حَاجِّ الْمَدِينَةِ إلَيْهَا قَوْلُهُ: (زُرَيْقٌ) بِتَقْدِيمِ الزَّايِ. وَالْحَدِيثُ فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْمُسَابَقَةِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعَبَثِ بَلْ مِنْ الرِّيَاضَةِ الْمَحْمُودَةِ الْمُوَصِّلَةِ إلَى تَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ فِي الْغَزْوِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَهِيَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الِاسْتِحْبَابِ وَالْإِبَاحَةِ بِحَسَبِ الْبَاعِثِ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute