. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
سَعِيدٍ السَّمَانُ أَبُو الرَّبِيعِ النَّضْرِيُّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَقَدْ وَرَدَ فِي التَّرْغِيبِ فِي الرَّمْيِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ صَاحِبُ مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ «تَعَلَّمُوا الرَّمْيَ فَإِنَّ مَا بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَانْقِطَاعٌ.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «وَجَبَتْ مَحَبَّتِي عَلَى مَنْ سَعَى بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ» وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ مَشَى بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةٌ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ «حَقُّ الْوَلَدِ عَلَى الْوَالِدِ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْكِتَابَةَ وَالسِّبَاحَةَ وَالرَّمْيَ» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ: (يَدْخُلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ فِي آلَاتِ الْجِهَادِ وَإِصْلَاحِهَا وَإِعْدَادِهَا كَالْجِهَادِ فِي اسْتِحْقَاقِ فَاعِلِهِ الْجَنَّةَ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِمَحْضِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ بِإِعَانَةِ الْمُجَاهِدِينَ، وَلِهَذَا قَالَ الَّذِي يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ.
وَأَمَّا مَنْ يَصْنَعْ ذَلِكَ لِمَا يُعْطَاهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَهُوَ مِنْ الْمَشْغُولِينَ بِعَمَلِ الدُّنْيَا لَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ، نَعَمْ يُثَابُ مَعَ صَلَاحِ النِّيَّةِ كَمَنْ يَعْمَلُ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ النَّاسِ أَوْ يَعُولُ بِهَا قَرَابَتَهُ، وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «إنَّ الرَّجُلَ يُؤْجَرُ حَتَّى عَلَى اللُّقْمَةِ يَضَعُهَا فِي فَمِ امْرَأَتِهِ» قَوْلُهُ: (وَاَلَّذِي يُجَهِّزُ بِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ الَّذِي يُعْطِي السَّهْمَ مُجَاهِدًا يُجَاهِدُ بِهِ فِي سَبِيل اللَّه قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَرْمُوا خَيْرٌ لَكُمْ. . . إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الرَّمْيَ أَفْضَلُ مِنْ الرُّكُوبِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِشِدَّةِ نِكَايَتِهِ فِي الْعَدُوِّ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ يَقُومُ فِيهِ الْقِتَالُ، وَفِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ بِخِلَافِ الْخَيْلِ فَإِنَّهَا لَا تُقَابِلُ إلَّا فِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي يُمْكِنُ فِيهَا الْجَوَلَانُ دُونَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فِيهَا صُعُوبَةٌ لَا تَتَمَكَّنُ الْخَيْلُ مِنْ الْجَرَيَانِ فِيهَا.
وَكَذَلِكَ الْمَعَاقِلُ وَالْحُصُونُ قَوْلُهُ: (كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ ابْنُ آدَمَ فَهُوَ بَاطِلٌ. . . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ مُسَمَّى اللَّهْوِ دَاخِلٌ حَيِّزَ الْبُطْلَانِ إلَّا تِلْكَ الثَّلَاثَةَ الْأُمُورَ، فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي صُورَةِ اللَّهْوِ فَهِيَ طَاعَاتٌ مُقَرِّبَةٌ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَعَ الِالْتِفَاتِ إلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْ النَّفْعِ الدِّينِيِّ قَوْلُهُ: (مَا هَذِهِ؟ أَلْقِهَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهَةِ الْقَوْسِ الْعَجَمِيَّةِ وَاسْتِحْبَابِ مُلَازَمَةِ الْقَوْسِ الْعَرَبِيَّةِ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ بِهَا وَبِرِمَاحِ الْقَنَا الدِّينَ وَيُمَكِّنُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي الْبِلَادِ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَتَحُوا أَرَاضِيَ الْعُجْمِ كَالرُّومِ وَفَارِسَ وَغَيْرِهِمَا وَمُعْظَمُ سِلَاحِهِمْ تِلْكَ السِّهَامُ وَالرِّمَاحُ قَوْلُهُ: (فَهُوَ عَدْلٌ مُحَرَّرٌ) أَيْ مُحَرَّرٌ مِنْ رِقِّ الْعَذَابِ الْوَاقِعِ عَلَى أَعْدَاءِ الدِّينِ أَوْ عَدْلُ ثَوَابِ مُحَرِّرٍ مِنْ الرِّقِّ: أَيْ ثَوَابُ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا قَوْلُهُ: (بَلَغَ الْعَدُوَّ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ) فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَجْرَ يَحْصُلُ لِمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمُجَرَّدِ الرَّمْيِ سَوَاءٌ أَصَابَ بِذَلِكَ السَّهْمِ أَوْ لَمْ يُصِبْ، وَسَوَاءٌ بَلَغَ إلَى جَيْشِ الْعَدُوِّ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ مِنْ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ عَلَى عِبَادِهِ لِجَلَالَةِ هَذِهِ الْقُرْبَةِ الْعَظِيمَةِ الشَّأْنِ الَّتِي هِيَ لِأَصْلِ الْإِسْلَامِ أَعْظَمُ أُسٍّ وَبُنْيَانٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute