مِنْ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ: إنِّي شُغِلْتُ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ فَلَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ، قَالَ: وَالْوُضُوءَ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
٣١٣ - (وَعَنْ سَمُرَة بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ لِلْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنْ اغْتَسَلَ فَذَلِكَ أَفْضَلُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنُ مَاجَهْ فَإِنَّهُ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ)
ــ
[نيل الأوطار]
مِنْ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، فَنَادَاهُ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ: إنِّي شُغِلْتُ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْتُ التَّأْذِينَ فَلَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ، قَالَ: وَالْوُضُوءَ أَيْضًا وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ هُوَ عُثْمَانُ كَمَا بُيِّنَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ) قَالَ ذَلِكَ تَوْبِيخًا لَهُ وَإِنْكَارًا لِتَأَخُّرِهِ إلَى هَذَا الْوَقْتِ.
قَوْلُهُ: (الْوُضُوءَ أَيْضًا) هُوَ مَنْصُوبٌ أَيْ تَوَضَّأْتُ الْوُضُوءَ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ، فِيهِ إنْكَارٌ ثَانٍ مُضَافًا إلَى الْأَوَّلِ أَيْ الْوُضُوءَ أَيْضًا اقْتَصَرَتْ عَلَيْهِ، وَاخْتَرْتَهُ دُونَ الْغُسْلِ. وَالْمَعْنَى مَا اكْتَفَيْتَ بِتَأْخِيرِ الْوَقْتِ وَتَفْوِيتِ الْفَضِيلَةِ حَتَّى تَرَكْتَ الْغُسْلَ، وَاقْتَصَرْتَ عَلَى الْوُضُوءِ.
وَجَوَّزَ. الْقُرْطُبِيُّ الرَّفْعَ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، أَيْ وَالْوُضُوءُ أَيْضًا يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَأَغْرَبَ السُّهَيْلِيُّ فَقَالَ: اتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَلَى الرَّفْعِ؛ لِأَنَّ النَّصْبَ يُخْرِجهُ إلَى مَعْنَى الْإِنْكَارِ يَعْنِي وَالْوُضُوءَ لَا يُنْكَرُ، وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ. وَالْحَدِيثُ مِنْ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ لِقَوْلِهِ: (كَانَ يَأْمُرُ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَفَقُّدِ الْإِمَامِ لِرَعِيَّتِهِ، وَأَمْرِهِمْ بِمَصَالِحِ دِينِهِمْ وَالْإِنْكَارِ عَلَى مُخَالِفِ السُّنَّةِ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرَ الْقَدْرِ، وَجَوَازُ الْإِنْكَارِ فِي مَجْمَعٍ مِنْ النَّاسِ، وَجَوَازُ الْكَلَامِ فِي الْخُطْبَةِ، وَحُسْنُ الِاعْتِذَارِ إلَى وُلَاةِ الْأَمْرِ.
وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الْجُمُعَةِ، قَدْ عَرَّفْنَاكَ فِيمَا سَبَقَ عَدَمَ صَلَاحِيَّتِهَا لِذَلِكَ.
٣١٣ - (وَعَنْ سَمُرَة بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ لِلْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنْ اغْتَسَلَ فَذَلِكَ أَفْضَلُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنُ مَاجَهْ فَإِنَّهُ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا. قَالَ فِي الْإِمَامِ: مَنْ يَحْمِلُ رِوَايَةَ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَلَى الِاتِّصَالِ يُصَحِّحُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ، وَقِيلَ: لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إلَّا حَدِيثُ الْعَقِيقَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْبَزَّارِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: لَمْ يُسْمَع مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُحَدِّثُ مِنْ كِتَابِهِ.
وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ، وَهُوَ وَهْمٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ.
وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ. وَمِنْ