للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٥٦١ - (وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْكُوبَةُ: الطَّبْلُ، قَالَهُ سُفْيَانُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْكُوبَةُ: النَّرْدُ، وَقِيلَ الْبَرْبَطُ، وَالْقَنِينُ: هُوَ الطُّنْبُورُ بِالْحَبَشِيَّةِ، وَالتَّقْنِينُ الضَّرْبُ بِهِ، قَالَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

عِيَاضٌ وَمَنْ تَبِعَهُ غَيْرَهُ. وَأَغْرَبَ ابْنُ التِّينِ فَقَالَ: إنَّهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هُوَ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ تَصْحِيفٌ، وَإِنَّمَا رَوَيْنَاهُ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ الْفَرْجُ، وَالْمَعْنَى يَسْتَحِلُّونَ الزِّنَا. قَالَ ابْنُ التِّينِ: يُرِيدُ ارْتِكَابَ الْفَرْجِ لِغَيْرِ حِلِّهِ. وَحَكَى عِيَاضٌ فِيهِ تَشْدِيدَ الرَّاءِ وَالتَّخْفِيفُ هُوَ الصَّوَابُ. وَيُؤَيِّدُ الرِّوَايَةَ بِالْمُهْمَلَتَيْنِ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: «يُوشِكُ أَنْ تَسْتَحِلَّ أُمَّتِي فُرُوجَ النِّسَاءِ وَالْحَرِيرَ» وَوَقَعَ عِنْدَ الدَّاوُدِيِّ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ ثُمَّ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ، لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ لَبِسُوهُ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الْمَشْهُورُ فِي رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ بِالْإِعْجَامِ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ.

وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْخَزُّ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ وَالتَّشْدِيدِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَالْأَقْوَى حِلُّهُ وَلَيْسَ فِيهِ وَعِيدٌ وَلَا عُقُوبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ قَوْلُهُ: (وَالْمَعَازِفَ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ بَعْدَهَا فَاءٌ جَمْعُ مِعْزَفَةٍ بِفَتْحِ الزَّاي، وَهِيَ آلَاتُ الْمَلَاهِي. وَنَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّ الْمَعَازِفَ: الْغِنَاءُ. وَاَلَّذِي فِي صِحَاحِهِ أَنَّهَا اللَّهْوُ، وَقِيلَ: صَوْتُ الْمَلَاهِي، وَفِي حَوَاشِي الدِّمْيَاطِيِّ: الْمَعَازِفُ: الدُّفُوفُ وَغَيْرُهَا مِمَّا يُضْرَبُ بِهِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْغِنَاءِ عَزْفٌ وَعَلَى كُلِّ لَعِبٍ عَزْفٌ قَوْلُهُ: (زَمَّارَةَ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الزَّمَّارَةُ كَجَبَّانَةٍ: مَا بِهِ كَالْمِزْمَارِ قَوْلُهُ: (فَصَنَعَ مِثْلَ هَذَا) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ لِمَنْ سَمِعَ الزَّمَّارَةَ أَنْ يَصْنَعَ كَذَلِكَ.

وَاسْتَشْكَلَ إذْنَ ابْنُ عُمَرَ لِنَافِعٍ بِالسَّمَاعِ، وَيُمْكِنُ أَنَّهُ إذْ ذَاكَ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ وَالْجَوَابُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَالْمَيْسِرَ) هُوَ الْقِمَارُ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: (وَالْكُوبَةَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ، قِيلَ هِيَ الطَّبْلُ كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبَيْنَ أَنَّ هَذَا التَّفْسِيرَ مِنْ كَلَامِ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ قَوْلُهُ: (وَالْغُبَيْرَاءَ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهَا فَقِيلَ: الطُّنْبُورُ، وَقِيلَ: الْعُودُ، وَقِيلَ: الْبَرْبَطُ، وَقِيلَ: مِزْرِيٌّ يُصْنَعُ مِنْ الذُّرَةِ أَوْ مِنْ الْقَمْحِ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ فِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ: (وَالْمِزْرُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ نَبِيذُ الشَّعِيرِ قَوْلُهُ: (وَالْقِنِّينَ) هُوَ لُعْبَةٌ لِلرُّومِ يُقَامِرُونَ بِهَا، وَقِيلَ: هُوَ الطُّنْبُورُ بِالْحَبَشِيَّةِ، كَذَا فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى مَا تَرْجَمَ بِهِ الْبَابَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>