. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
فَأَمَرَ جَارِيَةً مِنْهُنَّ فَقَالَ لَهَا: خُذِي الْعُودَ، فَأَخَذَتْهُ فَغَنَّتْ فَبَايَعَهُ، ثُمَّ جَاءَ إلَى ابْنِ عُمَرَ إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ وَرَوَى صَاحِبُ الْعِقْدِ الْعَلَّامَةُ الْأَدِيبُ أَبُو عُمَرَ الْأَنْدَلُسِيُّ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ دَخَلَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ فَوَجَدَ عِنْدَهُ جَارِيَةً فِي حِجْرِهَا عُودٌ ثُمَّ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: هَلْ تَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهَذَا وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُمْ سَمِعَا الْعُودَ عِنْدَ ابْنِ جَعْفَرٍ وَرَوَى أَبُو الْفَرَجِ الْأَصْبَهَانِيُّ أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ سَمِعَ مِنْ عَزَّةَ الْمَيْلَاءِ الْغِنَاءَ بِالْمِزْهَرِ بِشِعْرٍ مِنْ شِعْرِهِ. وَذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدُ نَحْوَ ذَلِكَ، وَالْمِزْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ: الْعُودُ وَذَكَرَ الْإِدْفَوِيُّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدَ الْعَزِيزِ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ جَوَارِيهِ قَبْلَ الْخِلَافَةِ.
وَنَقَلَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ التَّرْخِيصَ عَنْ طَاوُسٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَصَاحِبُ الْإِمْتَاعِ عَنْ قَاضِي الْمَدِينَةِ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيِّ مِنْ التَّابِعِينَ. وَنَقَلَهُ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلِيُّ فِي الْإِرْشَادِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ مُفْتِي الْمَدِينَةِ وَحَكَى الرُّويَانِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ إبَاحَةُ الْغِنَاءِ بِالْمَعَازِفِ. وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وَالْفُورَانِيُّ عَنْ مَالِكٍ جَوَازَ الْعُودِ. وَذَكَرَ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ فِي قُوتِ الْقُلُوبِ عَنْ شُعْبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ طُنْبُورًا فِي بَيْتِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو الْمُحَدِّثِ الْمَشْهُورِ. وَحَكَى أَبُو الْفَضْلِ بْنُ طَاهِرٍ فِي مُؤَلَّفِهِ فِي السَّمَاعِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي إبَاحَةِ الْعُودِ.
قَالَ ابْنُ النَّحْوِيِّ فِي الْعُمْدَةِ: قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: هُوَ إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الظَّاهِرِيَّةُ قَاطِبَةً. قَالَ الْأُدْفُوِيُّ: لَمْ يَخْتَلِفْ النَّقَلَةُ فِي نِسْبَةِ الضَّرْبِ إلَى إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الْمُتَقَدِّمِ الذِّكْرِ، وَهُوَ مِمَّنْ أَخْرَجَ لَهُ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ. وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ إبَاحَةَ الْعُودِ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ. وَحَكَاهُ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ طَاهِرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ وَحَكَاهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَرَوَاهُ ابْنُ النَّحْوِيِّ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي الْعُمْدَةِ عَنْ ابْنِ طَاهِرٍ وَحَكَاهُ الْأُدْفُوِيُّ عَنْ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْإِمْتَاعِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ، وَجَزَمَ بِالْإِبَاحَةِ الْأُدْفُوِيُّ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا قَالُوا بِتَحْلِيلِ السَّمَاعِ مَعَ آلَةٍ مِنْ الْآلَاتِ الْمَعْرُوفَةِ.
وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْغِنَاءِ مِنْ غَيْرِ آلَةٍ فَقَالَ الْأُدْفُوِيُّ فِي الْإِمْتَاعِ: إنَّ الْغَزَالِيَّ فِي بَعْضِ تَآلِيفِهِ الْفِقْهِيَّةِ: نَقَلَ الِاتِّفَاقَ عَلَى حِلِّهِ. وَنَقَلَ ابْنُ طَاهِرٍ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَيْهِ. وَنَقَلَ التَّاجُ الْفَزَارِيّ وَابْنُ قُتَيْبَةَ إجْمَاعَ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ عَلَيْهِ. وَنَقَلَ ابْنُ طَاهِرٍ وَابْنُ قُتَيْبَةَ أَيْضًا إجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْحِجَازِ يُرَخِّصُونَ فِيهِ فِي أَفْضَلِ أَيَّامِ السَّنَةِ الْمَأْمُورِ فِيهِ بِالْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ.
قَالَ ابْنُ النَّحْوِيِّ فِي الْعُمْدَةِ: وَقَدْ رُوِيَ الْغِنَاءُ وَسَمَاعُهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَمِنْ الصَّحَابَةِ عُمَرُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ وَعُثْمَانُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ وَالرَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجِرَاحِ كَمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute