٣٥٨٨ - (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ «دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَيْمُونَةَ وَهِيَ خَالَتُهُ وَخَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَوَجَدَ عِنْدَهَا ضَبًّا مَحْنُوذًا قَدِمَتْ بِهِ أُخْتُهَا حُفَيْدَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ مِنْ نَجْدٍ، فَقَدَّمَتْ الضَّبَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَهْوَى بِيَدِهِ إلَى
ــ
[نيل الأوطار]
بِهِ. وَقَالَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ: لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ. وَقَدْ أَخْرَجَ النَّهْيَ عَنْ أَكْلِ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ.
وَحَدِيثُ عِيسَى بْنِ نُمَيْلَةَ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ إسْنَادُهُ بِذَاكَ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ غَيْرُ قَوِيٍّ وَرَوَاهُ شَيْخٌ مَجْهُولٌ. وَقَالَ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ: إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَلَى تَحْرِيمِ أَكَلِ الْهِرِّ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَحْشِيِّ وَالْأَهْلِيِّ. وَيُؤَيِّدُ التَّحْرِيمَ أَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَنْيَابِ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ فِي حِلِّ الْهِرِّ الْوَحْشِيِّ كَحِمَارِ الْوَحْشِ إذَا كَانَ وَحْشِيَّ الْأَصْلِ لَا إنْ كَانَ أَهْلِيًّا ثُمَّ تَوَحَّشَ. قَوْلُهُ: (عَنْ عِيسَى بْنِ نُمَيْلَةَ) بِضَمِّ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ مُصَغَّرُ نَمْلَةٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ.
قَوْلُهُ: (الْقُنْفُذَ) هُوَ وَاحِدُ الْقَنَافِذِ وَالْأُنْثَى الْوَاحِدَةُ قُنْفُذَةٌ وَهُوَ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْفَاءِ وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَدْ تُفْتَحُ الْفَاءُ. وَهُوَ نَوْعَانِ: قُنْفُذٌ يَكُونُ بِأَرْضِ مِصْرَ قَدْرَ الْفَأْرِ الْكَبِيرِ وَآخَرُ يَكُونُ بِأَرْضِ الشَّامِ فِي قَدْرِ الْكَلْبِ وَهُوَ مُولَعٌ بِأَكْلِ الْأَفَاعِي وَلَا يَتَأَلَّمُ بِهَا، كَذَا قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ فِي شَرْحِ السُّنَنِ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى تَحْرِيمِ الْقُنْفُذِ لِأَنَّ الْخَبَائِثَ مُحَرَّمَةٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ كَمَا سَلَفَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ. وَقَدْ حَكَى التَّحْرِيمَ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَبِي طَالِبٍ وَالْإِمَامُ يَحْيَى. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ رَاوِيًا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ صَحَّ الْخَبَرُ فَهُوَ حَرَامٌ وَإِلَّا رَجَعْنَا إلَى الْعَرَبِ، وَالْمَنْقُولِ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَسْتَطِيبُونَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: الْقُنْفُذُ مَكْرُوهٌ، وَرَخَّصَ فِيهِ الشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ ا. هـ. وَحُكِيَ الْكَرَاهَةُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْأَصْلَ الْحِلُّ حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ نَاهِضٌ يَنْقُلُ عَنْهُ أَوْ يَتَقَرَّرَ أَنَّهُ مُسْتَخْبَثٌ فِي غَالِبِ الطِّبَاعِ. وَيُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِالْحِلِّ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ مِلْقَامِ بْنِ التَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «صَحِبْت النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ أَسْمَعْ لِحَشَرَاتِ الْأَرْضِ تَحْرِيمًا» وَهَذَا يُؤَيِّدُ الْأَصْلَ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ السَّمَاعِ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ وُرُودِ دَلِيلٍ، وَلَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّ إسْنَادَهُ غَيْرُ قَوِيٍّ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِلْقَامُ بْنُ التَّلِبِ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ. قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: إنَّ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ كَالضَّبِّ وَالْقُنْفُذِ وَالْيَرْبُوعِ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute