للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٦٢١ - (عَنْ عَدِيٍّ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا قَوْمٌ نَرْمِي فَمَا يَحِلُّ لَنَا؟ قَالَ: يَحِلُّ لَكُمْ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذَكَرْتُمْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَخَزَقْتُمْ فَكُلُوا مِنْهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا قَتَلَهُ السَّهْمُ بِثِقَلِهِ لَا يَحِلُّ) .

٣٦٢٢ - (وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا رَمَيْتَ سَهْمَكَ فَغَابَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَدْرَكْتَهُ فَكُلْهُ مَا لَمْ يَنْتَنْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

وَالشَّافِعِيُّ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ إلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، فَمَنْ تَرَكَهَا عِنْدَهُمْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا لَمْ يَقْدَحْ فِي حِلِّ الْأَكْلِ. وَمِنْ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ التَّسْمِيَةَ شَرْطٌ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] فَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا النَّهْيُ عَنْ أَكْلِ مَا لَمْ يُسَمَّ عَلَيْهِ.

وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ إيقَافُ الْإِذْنِ فِي الْأَكْلِ عَلَيْهَا، وَالْمُعَلَّقُ بِالْوَصْفِ يَنْتَفِي عِنْدَ انْتِفَائِهِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ، وَالشَّرْطُ أَقْوَى مِنْ الْوَصْفِ، وَيَتَأَكَّدُ الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ بِأَنَّ الْأَصْلَ تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ وَمَا أُذِنَ فِيهِ مِنْهَا تُرَاعَى صِفَتُهُ فَالْمُسَمَّى عَلَيْهَا وَافَقَ الْوَصْفَ، وَغَيْرُ الْمُسَمَّيْ بَاقٍ عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ. وَاخْتَلَفُوا إذَا تَرَكَهَا نَاسِيًا، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْهُمْ الْقَاسِمِيَّةُ وَالنَّاصِرُ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ إنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ الذَّاكِرِ، فَيَجُوزُ أَكْلُ مَا تُرِكَتْ التَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ سَهْوًا لَا عَمْدًا.

وَذَهَبَ دَاوُد وَالشَّعْبِيُّ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ أَنَّهَا شَرْطٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ لَمْ تُفَصِّلْ. وَاخْتَلَفَ الْأَوَّلُونَ فِي الْعَمْدِ هَلْ يُحَرَّمُ الصَّيْدُ وَنَحْوُهُ أَمْ يُكْرَهُ. فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَحْرُمُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْعَمْدِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَصَحُّهَا يُكْرَهُ الْأَكْلُ، وَقِيلَ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَقِيلَ يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ وَلَا يَحْرُمُ الْأَكْلُ. وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَحْمَدَ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الصَّيْدِ وَالذَّبِيحَةِ، فَذَهَبَ فِي الذَّبِيحَةِ إلَى هَذَا الْقَوْلِ الثَّالِثِ. وَحُجَّةُ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ مُطْلَقًا مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الذَّبْحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ وَجَدْت مَعَ كَلْبِكَ. . . إلَخْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ وَجَدَ الصَّيْدَ مَيْتًا وَمَعَ كَلْبِهِ كَلْبٌ آخَرُ وَحَصَلَ اللَّبْسُ عَلَيْهِ أَيُّهُمَا الْقَاتِلُ لَهُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الصَّيْدُ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ إلَّا عَلَى كَلْبِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَجَدَهُ حَيًّا فَإِنَّهُ يُذَكِّيهِ وَيَحِلُّ أَكْلُهُ بِالتَّذْكِيَةِ. وَسَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي الصَّيْدِ إذَا غَابَ، وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ حُصُولُ اللَّبْسِ الْمَذْكُورِ هُنَا. قَوْلُهُ: (عَلَى أَنَّهُ أَوْحَاهُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بِمَعْنَى أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَلَيْسَ لِأَوْجَاهُ بِالْجِيمِ هُنَا مَعْنَى. .

<<  <  ج: ص:  >  >>