للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْمَيْتَةُ لِلْمُضْطَرِّ

ــ

[نيل الأوطار]

بِالْقَوِيِّ. وَقَالَ يَعْقُوبُ: إذَا حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ فَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَإِذَا حَدَّثَ حِفْظًا فَفِي حَدِيثِهِ مَا يُعْرَفُ وَيُنْكَرُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يَكُنْ بِالْحَافِظِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: كَانَ يُخْطِئُ وَقَدْ تُوبِعَ عَلَى رَفْعِهِ، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ عَنْ الثَّوْرِيِّ مَرْفُوعًا لَكِنْ قَالَ: خَالَفَهُ وَكِيعٌ وَغَيْرُهُ فَوَقَفُوهُ عَلَى الثَّوْرِيِّ وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ مَرْفُوعًا وَلَا يَصِحُّ وَالصَّحِيحُ مَوْقُوفٌ. قَالَ الْحَافِظُ: وَإِذَا لَمْ يَصِحُّ إلَّا مَوْقُوفًا فَقَدْ عَارَضَهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، يَعْنِي الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَيُّوبُ وَحَمَّادُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَوْقَفُوهُ عَلَى جَابِرٍ. قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَقَدْ أُسْنِدَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ.

قَالَ الْحَافِظُ أَيْضًا: وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي حِلَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ فِي الْبَرِّ لَأُكِلَ بِغَيْرِ تَذْكِيَةٍ، وَلَوْ نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ فَمَاتَ لَأُكِلَ، فَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ وَهُوَ فِي الْبَحْرِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي حِلِّ السَّمَكِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا كَانَ عَلَى صُورَةِ حَيَوَانِ الْبَرِّ كَالْآدَمِيِّ وَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُحَرَّمُ، وَالْأَصَحُّ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ الْحِلُّ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ، إلَّا الْخِنْزِيرَ فِي رِوَايَةٍ. وَحُجَّتُهُمْ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: ٩٦] وَحَدِيثُ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ.

وَرُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا أَنَّهُ يَحِلُّ مَا يُؤْكَلُ نَظِيرُهُ فِي الْبَرِّ، وَمَا لَا فَلَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ، وَاسْتَثْنَتْ الشَّافِعِيَّةُ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ. وَهُوَ نَوْعَانِ: النَّوْعُ الْأَوَّلُ مَا وَرَدَ فِي مَنْعِ أَكْلِهِ شَيْءٌ يَخُصُّهُ كَالضُّفْدَعِ، وَكَذَا اسْتَثْنَاهُ أَحْمَدُ لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ. وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ أَبِي عَاصِمٍ وَآخَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَزَادَ " فَإِنَّ نَقِيقَهَا تَسْبِيحٌ ". وَذَكَرَ الْأَطِبَّاءُ أَنَّ الضُّفْدَعَ نَوْعَانِ: بَرِّيٌّ، وَبَحْرِيٌّ، وَمِنْ الْمُسْتَثْنَى التِّمْسَاحُ وَالْقِرْشُ وَالثُّعْبَانُ وَالْعَقْرَبُ وَالسَّرَطَانُ وَالسُّلَحْفَاةُ لَلِاسْتِخْبَاثِ وَالضَّرَرِ اللَّاحِقِ مِنْ السُّمِّ.

النَّوْعُ الثَّانِي مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ مَانِعٌ فَيَحِلُّ لَكِنْ بِشَرْطِ التَّذْكِيَةِ كَالْبَطِّ وَطَيْرِ الْمَاءِ. قَوْلُهُ: «إنَّ اللَّهَ ذَبَحَ مَا فِي الْبَحْرِ لِبَنِي آدَمَ» لَفْظُ الْبُخَارِيِّ «كُلُّ شَيْءٍ فِي الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ» وَقَدْ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الصَّحَابَةِ مَرْفُوعًا. قَالَ الْحَافِظُ: وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي الْأَطْعِمَةِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: سَمِعْت شَيْخًا كَبِيرًا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا فِي الْبَحْرِ دَابَّةٌ إلَّا قَدْ ذَبَحَهَا اللَّهُ لِبَنِي آدَمَ.

وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ رَفَعَهُ «إنَّ اللَّهَ قَدْ ذَبَحَ كُلَّ مَا فِي الْبَحْرِ لِبَنِي آدَمَ» وَفِي سَنَدِهِ ضَعِيفٌ. وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَرَفَعَهُ نَحْوُهُ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.

وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدَيْنِ جَيِّدَيْنِ عَنْ عُمَرَ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>