. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ غَرِيبٌ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَوْلُهُ: (فَبَعَثَ إلَيْهِ أَنْ ائْذَنْ لِي فِي السَّادِسِ) فِيهِ أَنَّ الْمَدْعُوَّ إذَا تَبِعَهُ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْعَاءٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَأْذَنَ لَهُ وَلَا يَنْهَاهُ، وَإِذَا بَلَغَ بَابَ دَارِ صَاحِبِ الطَّعَامِ أَعْلَمَهُ بِهِ لِيَأْذَنَ لَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ، وَأَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ إنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى حُضُورهِ مَفْسَدَةٌ بِأَنْ يُؤْذِيَ الْحَاضِرِينَ أَوْ يُشِيعَ عَنْهُمْ مَا يَكْرَهُونَهُ أَوْ يَكُونَ جُلُوسُهُ مَعَهُمْ مُزْرِيًا بِهِمْ لِشُهْرَتِهِ بِالْفُسُوقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ خِيفَ مِنْ حُضُورِهِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَلَطَّفَ فِي رَدِّهِ وَلَوْ بِإِعْطَائِهِ شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ إنْ كَانَ يَلِيقُ بِهِ لِيَكُونَ رَدًّا جَمِيلًا، كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ قَوْلُهُ: (فَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَطْلَقَ الْيَدَ عَلَى الْأَصَابِعِ الثَّلَاثِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ " لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ " وَفِي مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ بِلَفْظِ «يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ فَإِذَا فَرَغَ لَعِقَهَا» وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُطْلِقَ عَلَى جَمِيعِ أَصَابِعِ الْيَدِ. لِأَنَّ الْغَالِبَ اتِّصَالُ شَيْءٍ مِنْ آثَارِ الطَّعَامِ بِجَمِيعِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْيَدِ الْكَفِّ كُلِّهَا.
قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ الْأَوْلَى فَيَشْمَلُ الْحُكْمُ مَنْ أَكَلَ بِكَفِّهِ بِكُلِّهَا أَوْ بِأَصَابِعِهِ فَقَطْ أَوْ بِبَعْضِهَا. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: يَدُلُّ عَلَى الْأَكْلِ بِالْكَفِّ كُلِّهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَعَرَّقُ الْعَظْمَ وَيَنْهَشُ اللَّحْمَ» وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ عَادَةً إلَّا بِالْكَفِّ كُلِّهَا، قِيلَ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ بِالثَّلَاثِ، سَلَّمْنَا لَكِنْ هُوَ مُمْسِكٌ بِكَفِّهِ كُلِّهَا لَا آكِلٌ بِهَا، سَلَّمْنَا لَكِنْ مَحِلُّ الضَّرُورَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ الْأَحْوَالِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ السُّنَّةَ الْأَكْلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَإِنْ كَانَ الْأَكْلُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا جَائِزًا.
وَقَدْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ إذَا أَكَلَ لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ. قَالَ عِيَاضٌ: وَالْأَكْلُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ الشَّرَهِ وَسُوءِ الْأَدَبِ وَتَكْبِيرُ اللُّقَمِ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَى ذَلِكَ لَجَمْعِهِ اللُّقْمَةِ وَإِمْسَاكهَا مِنْ جِهَاتِهَا الثَّلَاثِ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ لِخِفَّةِ الطَّعَامِ وَعَدَمِ تَلْفِيفِهِ بِالثَّلَاثِ فَيَدْعَمُهُ بِالرَّابِعَةِ أَوْ الْخَامِسَةِ قَوْلُهُ: (حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا) الْأَوَّلُ بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ، وَالثَّانِي بِضَمِّهَا: أَيْ يُلْعِقَهَا زَوْجَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ أَوْ خَادِمَهُ أَوْ وَلَدَهُ، وَكَذَا مَنْ كَانَ فِي مَعْنَاهُمْ كَتِلْمِيذٍ يَعْتَقِدُ الْبَرَكَةَ بِلَعْقِهَا. وَكَذَا لَوْ أَلْعَقَهَا شَاةً وَنَحْوَهَا.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّ قَوْلَهُ " أَوْ يُلْعِقَهَا " شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ كَانَا جَمِيعًا مَحْفُوظِينَ فَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُلْعِقَهَا صَغِيرًا أَوْ مَنْ يَعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَتَقَذَّرُ بِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يُلْعِقَ أُصْبُعَهُ فَمَهُ فَيَكُونُ بِمَعْنَى يَلْعَقُهَا فَتَكُونُ أَوْ لِلشَّكِّ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: جَاءَتْ عِلَّةُ هَذَا مُبَيِّنَةً فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ الْبَرَكَةُ، وَقَدْ يُعَلَّلُ أَنَّ مَسْحَهَا قَبْلَ ذَلِكَ فِيهِ زِيَادَةُ تَلْوِيثٍ لِمَا يُمْسَحُ بِهِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالرِّيقِ، لَكِنْ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ بِالتَّعْلِيلِ لَمْ يُعْدَلْ عَنْهُ، وَقَدْ عَرَفْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute