٣٧٣٥ - (عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ الْخَمْرِ يُتَّخَذُ خَلًّا؟ فَقَالَ: لَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .
٣٧٣٦ - (وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، قَالَ:
ــ
[نيل الأوطار]
إلَى أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ عَنْ الْخَلِيطِ أَنَّ الْإِسْكَارَ يُسْرِعُ إلَيْهِ بِسَبَبِ الْخَلْطِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ، فَيَظُنُّ الشَّارِبُ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِسْكَارِ وَقَدْ بَلَغَهُ.
قَالَ: وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ النَّهْيَ فِي ذَلِكَ لِلتَّنْزِيهِ وَإِنَّمَا يُحَرَّمُ إذَا صَارَ مُسْكِرًا وَلَا تَخْفَى عَلَامَتُهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: هُوَ لِلتَّحْرِيمِ. وَاخْتُلِفَ فِي خَلْطِ نَبِيذِ الْبُسْرِ الَّذِي لَمْ يَشْتَدَّ مَعَ نَبِيذِ التَّمْرِ الَّذِي لَمْ يَشْتَدَّ عِنْدَ الشُّرْبِ هَلْ يَمْتَنِعُ أَوْ يَخْتَصُّ النَّهْيُ عَنْ الْخَلْطِ بِالِانْتِبَاذِ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَا فَرْقَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ عِنْدَ الشُّرْبِ. وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ عَنْ الدَّاوُدِيّ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ خَلْطُ النَّبِيذِ بِالنَّبِيذِ لَا إذَا نُبِذَا مَعًا. وَاخْتُلِفَ فِي الْخَلِيطَيْنِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ غَيْرِ النَّبِيذِ، فَحَكَى ابْنُ التِّينِ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُخْلَطَ لِلْمَرِيضِ الْأَشْرِبَةُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَنَا أَرْبَعُ صُوَرٍ: أَنْ يَكُونَ الْخَلِيطَانِ مَنْصُوصَيْنِ فَهُوَ حَرَامٌ، أَوْ مَنْصُوصٌ وَمَسْكُوتٌ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ قِيَاسًا عَلَى الْمَنْصُوصِ أَوْ مَسْكُوتٍ عَنْهُمَا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَ لَمْ يُسْكِرْ جَازَ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ: ذَهَبَ إلَى تَحْرِيمِ الْخَلِيطَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الشَّرَابُ مِنْهُمَا مُسْكِرًا جَمَاعَةٌ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالُوا: مَنْ شَرِبَ الْخَلِيطَيْنِ أَثِمَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الشِّدَّةِ أَثِمَ مِنْ جِهَتَيْنِ وَخَصَّ النَّهْيَ بِمَا إذَا اُنْتُبِذَا مَعًا. وَخَصَّ ابْنُ حَزْمٍ النَّهْيَ بِخَمْسَةِ أَشْيَاءَ: التَّمْرُ، وَالرُّطَبُ، وَالزَّهْوُ، وَالْبُسْرُ، وَالزَّبِيبُ. قَالَ: سَوَاءٌ خُلِطَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ مِنْهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا، فَأَمَّا لَوْ خُلِطَ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِهَا فِي وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا مَنْعَ كَالتِّينِ وَالْعَسَلِ مَثَلًا. وَحَدِيثُ أَنَسٍ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ يَرُدُّ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: النَّهْيُ عَنْ الْخَلِيطَيْنِ ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، وَعَنْ مَالِكٍ يَكْرَهُ فَقَطْ، وَشَذَّ مَنْ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحِلُّ مُنْفَرِدًا فَلَا يُكْرَهُ مُجْتَمِعًا. قَالَ: وَهَذِهِ مُخَالَفَةٌ لِلنَّصِّ بِقِيَاسٍ مَعَ وُجُودِ الْفَارِقِ فَهُوَ فَاسِدٌ ثُمَّ هُوَ مُنْتَقَضٌ بِجَوَازِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُخْتَيْنِ مُنْفَرِدَةً وَتَحْرِيمِهِمَا مُجْتَمِعَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute