. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ: وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ وَلَكِنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَهُ مِثْلُهُ عَنْ عُمَرَ فَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخِطْمِيَّ قَالَ: " كَتَبَ عُمَرُ اُطْبُخُوا شَرَابَكُمْ حَتَّى يَذْهَبَ نَصِيبُ الشَّيْطَانِ اثْنَيْنِ وَلَكُمْ وَاحِدٌ " وَصَحَّحَ هَذَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ. وَأَخْرَجَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ طَرِيقِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ شَكَا إلَيْهِ أَهْلُ الشَّامِ وَبَاءَ الْأَرْضِ وَثِقَلَهَا وَقَالُوا: لَا يُصْلِحُنَا إلَّا هَذَا الشَّرَابُ فَقَالَ عُمَرُ: اشْرَبُوا الْعَسَلَ، قَالُوا: مَا يُصْلِحُنَا الْعَسَلُ، قَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ: هَلْ لَك أَنْ تَجْعَلَ مِنْ هَذَا الشَّرَابِ شَيْئًا لَا يُسْكِرُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَطَبَخُوا حَتَّى ذَهَبَ مِنْهُ الثُّلُثَانِ وَبَقِيَ الثُّلُثُ فَأَتَوْا بِهِ عُمَرَ فَأَدْخَلَ فِيهِ أُصْبُعَهُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ فَتَبِعَهَا يَتَمَطَّطُ، فَقَالَ: هَذَا الطِّلَاءُ مِثْلُ طِلَاءِ الْإِبِلِ. فَأَمَرَهُمْ عُمَرُ أَنْ يَشْرَبُوهُ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ شَيْئًا حَرَّمْتُهُ عَلَيْهِمْ. وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ " كَتَبَ عُمَرُ إلَى عَمَّارٍ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ جَاءَنِي عِيرٌ تَحْمِلُ شَرَابًا أَسْوَدَ كَأَنَّهُ طِلَاءُ الْإِبِلِ، فَذَكَرُوا أَنَّهُمْ يَطْبُخُونَهُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ الْأَخْبَثَانِ ثُلُثٌ بِرِيحِهِ وَثُلُثٌ بِبَغْيِهِ، فَمُرْ مَنْ قِبَلَكَ أَنْ يَشْرَبُوهُ ". وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ أَحَلَّ مِنْ الشَّرَابِ مَا يُطْبَخُ فَذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ، وَأَثَرُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَمُعَاذٍ أَخْرَجَهُ أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِلَفْظِ يَشْرَبُونَ مِنْ الطِّلَاءِ مَا يُطْبَخُ عَلَى الثُّلُثِ وَذَهَبَ ثُلُثَاهُ " قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ وَافَقَ عُمَرَ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَبُو مُوسَى وَأَبُو الدَّرْدَاءِ. أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ عَنْهُمَا وَعَلِيٌّ وَأَبُو أُمَامَةَ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَغَيْرُهُمْ، أَخْرَجَهَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ التَّابِعِينَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ، وَمِنْ الْفُقَهَاءِ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ وَشَرْطُ تَنَاوُلِهِ عِنْدَهُمْ مَا لَمْ يُسْكِرْ، وَكَرِهَهُ طَائِفَةٌ تَوَرُّعًا. وَأَثَرُ الْبَرَاءِ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ الطِّلَاءَ عَلَى النِّصْفِ: أَيْ إذَا طُبِخَ فَصَارَ عَلَى النِّصْفِ.
وَأَثَرُ أَبِي جُحَيْفَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَوَافَقَ الْبَرَاءَ وَأَبَا جُحَيْفَةَ جَرِيرٌ. وَمِنْ التَّابِعِينَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَشُرَيْحٌ. وَأَطْلَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ يُسْكِرُ حُرِّمَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: بَلَغَنِي أَنَّ النِّصْفَ يُسْكِرُ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ حَرَامٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَعْنَابِ الْبِلَادِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إنَّهُ شَاهَدَ مِنْ الْعَصِيرِ مَا إذَا طُبِخَ إلَى الثُّلُثِ يَنْعَقِدُ وَلَا يَصِيرُ مُسْكِرًا أَصْلًا، وَمِنْهُ مَا إذَا طُبِخَ إلَى النِّصْفِ كَذَلِكَ، وَمِنْهُ مَا إذَا طُبِخَ إلَى الرُّبْعِ كَذَلِكَ، بَلْ قَالَ: إنَّهُ شَاهَدَ مِنْهُ مَا لَوْ طُبِخَ حَتَّى لَا يَبْقَى غَيْرُ رُبْعِهِ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ السُّكْرُ، قَالَ: فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ مَا وَرَدَ عَنْ الصَّحَابَةِ مِنْ أَمْرِ الطِّلَاءِ عَلَى مَا لَا يُسْكِرُ بَعْدَ الطَّبْخِ.
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute