للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٣١ - (وَعَنْ «مَيْمُونَةَ قَالَتْ: وَضَعْت لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى مِنْ مَقَامِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ. قَالَتْ: فَأَتَيْتُهُ بِخِرْقَةٍ فَلَمْ يُرِدْهَا وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلَيْسَ لِأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ نَفْضُ الْيَدِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

وَقَدْ اخْتَبَطَ شُرَّاح الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمْ فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ: بَابُ مَنْ بَدَأَ بِالْحِلَابِ أَوْ الطِّيبِ عِنْدَ الْغُسْلِ فَتَكَلَّفَ جَمَاعَةٌ لِمُطَابَقَةِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ لِلْحَدِيثِ وَجَعْلُ الْحِلَابِ بِمَعْنَى الطِّيبِ، وَقَدْ أَطَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ الْكَلَامَ عَلَى هَذَا.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيْهِ) أَشَارَ إلَى الْغَرْفَةِ الثَّالِثَةِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ رِوَايَةُ أَبِي عَوَانَةَ، وَوَقَعَ فِي بِضْعِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ بِكَفِّهِ بِالْإِفْرَادِ وَفِي بَعْضِهَا بِالتَّثْنِيَةِ كَمَا فِي الْكِتَابِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْبُدَاءَةِ بِالْمَيَامِنِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَفِي الِاجْتِزَاء بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ، وَتَرْجَمَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ حِبَّانَ. قَوْلُهُ: (فَقَالَ بِهِمَا) هُوَ مِنْ إطْلَاق الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ وَقَدْ وَقَعَ إطْلَاقُ الْفِعْلِ عَلَى الْقَوْلِ فِي حَدِيثِ: «لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ» قَالَ فِيهِ: (لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا لَفَعَلْتُ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ) كَذَا فِي الْفَتْحِ.

قَوْلُهُ: (فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَسَلَهُمَا لِلتَّنْظِيفِ مِمَّا بِهِمَا مِنْ مُسْتَقْذَرٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْغُسْلُ الْمَشْرُوعُ عِنْد الْقِيَامِ مِنْ النَّوْمِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ الَّتِي رَوَاهَا التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ (قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا الْإِنَاءَ) . قَوْلُهُ: (مَذَاكِيرَهُ) جَمْعُ ذَكَرٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَقِيلَ: وَاحِدُهُ مِذْكَارٌ قَالَ الْأَخْفَشُ: هُوَ مِنْ الْجَمْعِ الَّذِي لَا وَاحِدَ لَهُ.

وَقَالَ ابْنُ خَرُوفٍ: إنَّمَا جَمَعَهُ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْجَسَدِ إلَّا وَاحِدٌ بِالنَّظَرِ إلَى مَا يَتَّصِلُ بِهِ، وَأُطْلِقَ عَلَى الْكُلِّ اسْمُهُ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْمَجْمُوعِ كَالذَّكَرِ فِي حُكْمِ الْغُسْلِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ) فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ إذَا فَرَغَ أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ بِتُرَابٍ أَوْ أُشْنَانٍ أَوْ يُدَلِّكُهَا بِالتُّرَابِ أَوْ بِالْحَائِطِ لَيُذْهِبَ الِاسْتِقْذَارَ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ) قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَوَّلِ الْبَابِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَنَحَّى) أَيْ تَحَوَّلَ إلَى نَاحِيَةٍ. قَوْلُهُ: (فَلَمْ يُرِدْهَا) مِنْ الْإِرَادَةِ لَا مِنْ الرَّدِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي كَرَاهِيَةِ التَّنْشِيفِ وَعَدَمِهَا. قَوْلُهُ: (وَجَعَلَ يَنْفُضُ) فِيهِ جَوَازُ نَفْضِ الْيَدَيْنِ مِنْ الْمَاءِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَكَذَا الْوُضُوءُ وَفِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيف أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَفْظُهُ: «لَا تَنْفُضُوا أَيْدِيَكُمْ فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّهَا مَرَاوِحُ الشَّيْطَانِ» قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَمْ أَجِدْهُ، وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>