للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

كَذَلِكَ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ الْحَافِظُ: وَسَنَدُهُ وَاهٍ أَيْضًا.

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عُمَرَ قَالَ: أَمَّا فِي الْمَعَارِيضِ مَا يَكْفِي الْمُسْلِمَ مِنْ الْكَذِبِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمَعَارِيضُ: هِيَ خِلَافُ التَّصْرِيحِ، وَهِيَ التَّوْرِيَةُ بِالشَّيْءِ عَنْ الشَّيْءِ، وَقَالَ الرَّاغِبُ: التَّعْرِيضُ لَهُ وَجْهَانِ فِي صِدْقٍ وَكَذِبٍ أَوْ بَاطِنٍ وَظَاهِرٍ. وَالْمَنْدُوحَةُ: السِّعَةُ، وَقَدْ جَعَلَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ تَرْجَمَةَ بَابٍ فَقَالَ: بَابُ الْمَعَارِيضِ مَنْدُوحَةٌ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: ذَهَبَ مَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى يَمِينٍ، إنْ لَمْ يَحْلِفْهَا قُتِلَ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ

وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: يَحْنَثُ قَوْلُهُ: (مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ إطْلَاقِ الْأُخُوَّةِ عَلَى بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَعْضٍ مِنْهُمْ وَالْجِهَةُ الْجَامِعَةُ هِيَ النُّبُوَّةُ قَوْلُهُ: (وَنَبِيُّ اللَّهِ شَابٌّ) فِيهِ جَوَازُ إطْلَاقِ اسْمِ الشَّابِّ عَلَى مَنْ كَانَ فِي نَحْوِ الْخَمْسِينَ السَّنَةِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مُهَاجَرِهِ قَدْ كَانَ مُنَاهِزًا لِلْخَمْسِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ جَاوَزَهَا، وَفِي إثْبَاتِ الشَّيْخُوخَةِ لِأَبِي بَكْرٍ وَالشَّبَابِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إشْكَالٌ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَصْغَرُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ عَاشَ بَعْدَهُ وَمَاتَ فِي السِّنِّ الَّتِي مَاتَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ ظَهَرَتْ عَلَيْهِ هَيْئَةُ الشَّيْخُوخَةِ مِنْ الشَّيْبِ وَالنُّحُولِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الرُّوَاةِ فِي وُجُودِ الشَّيْبِ فِيهِ عِنْدَ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي هَذَا التَّعْرِيضِ الْوَاقِعِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ غَايَةُ اللَّطَافَةِ قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يُصَدِّقُك بِهِ صَاحِبُكَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقَصْدِ الْمُحَلِّفِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُحَلِّفُ هُوَ الْحَاكِمَ أَوْ الْغَرِيمَ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُحَلِّفُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا صَادِقًا أَوْ كَاذِبًا، وَقِيلَ هُوَ مُقَيَّدٌ بِصِدْقِ الْمُحَلَّفِ فِيمَا ادَّعَاهُ، أَمَّا لَوْ كَانَ كَاذِبًا كَانَ الِاعْتِبَارُ بِنِيَّةِ الْحَالِفِ

وَقَدْ ذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ تَخْصِيصَ الْحَدِيثِ بِكَوْنِ الْمُحَلِّفِ هُوَ الْحَاكِمَ، وَلَفْظُ صَاحِبِك فِي الْحَدِيثِ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ بِلَفْظِ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ» قَالَ النَّوَوِيُّ: أَمَّا إذَا حَلَفَ بِغَيْرِ اسْتِحْلَافٍ وَوَرَّى فَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ وَلَا يَحْنَثُ سَوَاءٌ حَلَفَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَحْلِيفٍ أَوْ حَلَّفَهُ غَيْرُ الْقَاضِي أَوْ غَيْرُ نَائِبِهِ فِي ذَلِكَ. وَلَا اعْتِبَارَ بِنِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ بِكَسْرِ اللَّامِ غَيْرِ الْقَاضِي

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ إلَّا إذَا اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ فِي دَعْوَى تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ. قَالَ: وَالتَّوْرِيَةُ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْنَثُ بِهَا فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهَا حَيْثُ يَبْطُلُ بِهَا حَقُّ الْمُسْتَحْلِفِ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ انْتَهَى

وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ وَمِنْ غَيْرِ تَعَلُّقِ حَقٍّ بِيَمِينِهِ لَهُ نِيَّتُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لِغَيْرِهِ حَقٌّ عَلَيْهِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِظَاهِرِ يَمِينِهِ سَوَاءٌ حَلَفَ مُتَبَرِّعًا أَوْ بِاسْتِحْلَافٍ انْتَهَى مُلَخَّصًا. وَإِذَا صَحَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِ مَا يَقْضِي بِهِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>