للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

الْعُمَرِيُّ عَبْدُ اللَّهِ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَكَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ وَأَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، وَقَدْ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، وَلَهُ طُرُقٌ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَطْرَافِ وَهُوَ أَيْضًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ لَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفِ

وَحَدِيثُ عِكْرِمَةَ قَالَ أَبُو دَاوُد: إنَّهُ قَدْ أَسْنَدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مَوْصُولًا وَمُرْسَلًا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ: الْأَشْبَهُ إرْسَالُهُ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ: رَوَاهُ مِسْعَرٌ وَشَرِيكٌ أَرْسَلَهُ مَرَّةً وَوَصَلَهُ أُخْرَى قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْنَثْ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ مَانِعٌ مِنْ انْعِقَادِ الْيَمِينِ أَوْ يُحِلُّ انْعِقَادَهَا. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْجُمْهُورُ وَادَّعَى عَلَيْهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْإِجْمَاعَ، قَالَ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: " إنْ شَاءَ اللَّهُ " يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْيَمِينِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُتَّصِلًا. قَالَ: وَلَوْ جَازَ مُنْفَصِلًا كَمَا رَوَى بَعْضُ السَّلَفِ لَمْ يَحْنَثْ أَحَدٌ قَطُّ فِي يَمِينٍ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى كَفَّارَةِ

قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي الِاتِّصَالِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ: هُوَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ سُكُوتٍ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَضُرُّ سَكْتَةُ النَّفَسِ. وَعَنْ طَاوُوسٍ وَالْحَسَنِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ أَنَّ لَهُ الِاسْتِثْنَاءَ مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا لَمْ يَقُمْ أَوْ يَتَكَلَّم

وَقَالَ عَطَاءٌ: قَدْرَ حَلْبَةِ نَاقَةٍ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَصِحُّ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَهُ الِاسْتِثْنَاءُ أَبَدًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمَشِيئَةِ يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. وَبَعْضُهُمْ فَصَّلَ. وَاسْتَثْنَى أَحْمَدُ الْعَتَاقَ قَالَ: لِحَدِيثِ «إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ حُرٌّ» وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ حُمَيْدٍ بْنُ مَالِكٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ

وَذَهَبَتْ الْهَادَوِيَّةُ إلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمَشِيئَةِ يُعْتَبَرُ فِيهِ مَشِيئَةُ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ بِاعْتِبَارِ مَا يَظْهَرُ مِنْ الشَّرِيعَةِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ وَقَيَّدَ الْحَلِفَ بِالْمَشِيئَةِ مَحْبُوبًا لِلَّهِ فِعْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَ مَحْبُوبًا لِلَّهِ تَرْكُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالتَّرْكِ، فَإِذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَيَتَصَدَّقَنَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ حَنِثَ بِتَرْكِ الصَّدَقَةِ لِأَنَّ اللَّهَ يَشَاءُ التَّصَدُّقَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْطَعَنَّ رَحِمَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ بِتَرْكِ الْقَطْعِ لِأَنَّ اللَّهَ يَشَاءُ ذَلِكَ التَّرْكَ

وَقَالَ الْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ: مَعْنَى التَّقْيِيدِ بِالْمَشِيئَةِ: بَقَاءُ الْحَالِفِ فِي الْحَيَاةِ وَقْتًا يُمْكِنُهُ الْفِعْلُ، فَإِذَا بَقِيَ ذَلِكَ الْقَدْرُ حَنِثَ الْحَالِفُ عَلَى الْفِعْلِ بِالتَّرْكِ، وَحَنِثَ الْحَالِفُ عَلَى التَّرْكِ بِالْفِعْلِ. وَالظَّاهِرُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّ التَّقْيِيدَ إنَّمَا يُفِيدُ إذَا وَقَعَ بِالْقَوْلِ، كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ لَا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ إلَّا مَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ قِيَاسَ قَوْلِهِ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ بِالنِّيَّةِ

وَعِنْدَ الْهَادَوِيَّةِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ مَعْرُوفٌ. وَقَدْ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: بَابُ النِّيَّةِ فِي الْأَيْمَانِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ) لَمْ يُقَيِّدْ هَذَا السُّكُوتَ بِالْعُذْرِ، بَلْ ظَاهِرُهُ السُّكُوتُ اخْتِيَارًا لَا اضْطِرَارًا فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>