للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَنْ حَلَفَ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا شَهْرًا فَكَانَ نَاقِصًا

٣٨١٤ - (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَهْرًا.

ــ

[نيل الأوطار]

مَضْمُومَةٌ، وَيَجُوزُ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ بِاعْتِبَارِ النِّعَمِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَجُوزُ أَيْضًا بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ الْمَفْتُوحَةِ

وَفِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْغَنِيِّ أَنْ يَلْبَسَ مِنْ الثِّيَابِ مَا يَلِيقُ بِهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ إظْهَارًا لِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ، إذْ الْمَلْبُوسُ هُوَ أَعْظَمُ مَا يَظْهَرُ فِيهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ، فَمَنْ لَبِسَ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ ثِيَابَ الْفُقَرَاءِ صَارَ مُمَاثِلًا لَهُمْ فِي إيهَامِ النَّاظِرِ لَهُ أَنَّهُ مِنْهُمْ

وَذَلِكَ رُبَّمَا كَانَ مِنْ كُفْرَانِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الزُّهْدُ وَالتَّوَاضُعُ فِي لُزُومِ ثِيَابِ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَحَلَّ لِعِبَادِهِ الطَّيِّبَاتِ وَلَمْ يَخْلُقْ لَهُمْ جَيِّدَ الثِّيَابِ إلَّا لِتُلْبَسَ مَا لَمْ يَرِدْ النَّصُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ. وَمِنْ فَوَائِدِ إظْهَارِ أَثَرِ الْغِنَى أَنْ يَعْرِفَهُ ذَوُو الْحَاجَاتِ فَيَقْصِدُوهُ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ

وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ بِالْخَيْرِ عَلَى عَبْدِهِ» وَقَالَ حَسَنٌ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ إظْهَارَ النِّعْمَةِ مِنْ مَحْبُوبَاتِ الْمُنْعِمِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: ١١] فَإِنَّ الْأَمْرَ مِنْهُ جَلَّ جَلَالُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوُجُوبِ كَانَ لِلنَّدْبِ، وَكِلَا الْقِسْمَيْنِ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ فَمَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةٍ مِنْ نِعَمِهِ الظَّاهِرَةِ أَوْ الْبَاطِنَةِ فَلْيُبَالِغْ فِي إظْهَارِهَا بِكُلِّ مُمْكِنٍ مَا لَمْ يَصْحَبْ ذَلِكَ الْإِظْهَارَ رِيَاءٌ أَوْ عُجْبٌ أَوْ مُكَاثَرَةٌ لِلْغَيْرِ، وَلَيْسَ مِنْ الزُّهْدِ وَالتَّوَاضُعِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ وَسِخَ الثِّيَابِ شَعِثَ الشَّعْرِ، فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد اللَّهِ قَالَ: «` أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ فَقَالَ: أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَا يُسْكِنُ شَعْرَهُ، وَرَأَى رَجُلًا آخَرَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ، فَقَالَ: أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَا يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ»

وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رِضَاهُ فِي لِبْسِ الْخِلْقَانِ وَالْمُرَقَّعَاتِ وَمَا أَفْرَطَ فِي الْغِلَظِ مِنْ الثِّيَابِ فَقَدْ خَالَفَ مَا أَرْشَدَ إلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ قَوْلُهُ: (مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَأَمِرَ كَفَرِحَ أَمْرًا وَأَمْرَةً كَثُرَ وَتَمَّ فَهُوَ أَمْرٌ، وَالْأَمْرُ اشْتَدَّ، وَالرَّجُلُ كَثُرَتْ مَاشِيَتُهُ، وَأَمَرَهُ كَنَصَرَهُ لُغَيَّةٌ: كَثُرَ نَسْلُهُ وَمَاشِيَتُهُ قَوْلُهُ:

(سِكَّةٌ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: السَّكُّ وَالسِّكَّةُ بِالْكَسْرِ: حَدِيدَةٌ مَنْقُوشَةٌ يُضْرَبُ عَلَيْهَا الدَّرَاهِمُ وَالسَّطْرُ مِنْ الشَّجَرِ وَحَدِيدَةُ الْفَدَّانِ وَالطَّرِيقِ الْمُسْتَوِي، وَضَرَبُوا بُيُوتَهُمْ سِكَاكًا بِالْكَسْرِ: صَفًّا وَاحِدًا قَوْلُهُ: (مَأْبُورَةٌ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَأَبِرَ كَفَرِحَ صَلَحَ، وَذَكَرَ أَنَّ تَأْبِيرَ النَّخْلِ إصْلَاحُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا قَالَهُ عُمَرُ وَمَا قَالَهُ أَبُو طَلْحَةَ فِي الْوَقْفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>