. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
مَكْتُوبَةٌ لِلْوَالِدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ، فَمَعْنَى: صَلِّي عَنْهَا، أَنَّ صَلَاتَك، مُكْتَتَبَةٌ لَهَا وَلَوْ كُنْتَ إنَّمَا تَنْوِي عَنْ نَفْسِكِ، كَذَا قَالَ، وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ
وَحَاصِلُ كَلَامِهِ تَخْصِيصُ الْجَوَازِ بِالْوَلَدِ، وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ
وَفِيهِ تُعُقِّبَ عَلَى ابْنِ بَطَّالٍ حَيْثُ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ فَرْضًا وَلَا سُنَّةً لَا عَنْ حَيٍّ وَلَا عَنْ مَيِّتٍ. وَنُقِلَ عَنْ الْمُهَلَّبِ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ جَازَ لَجَازَ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، وَلَكَانَ الشَّارِعُ أَحَقَّ بِذَلِكَ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْ أَبَوَيْهِ
وَلَمَا نُهِيَ عَنْ الِاسْتِغْفَارِ لِعَمِّهِ وَلَبَطُلَ مَعْنَى قَوْلُهُ: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] قَالَ الْحَافِظُ: وَجَمِيعُ مَا قَالَهُ لَا يَخْفَى وَجْهُ تَعَقُّبِهِ خُصُوصًا مَا ذَكَرَهُ فِي حَقِّ الشَّارِعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا الْآيَةُ فَعُمُومُهَا مَخْصُوصٌ اتِّفَاقًا
وَقَدْ ذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ وَمَنْ وَافَقَهُ إلَى أَنَّ الْوَارِثَ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ النَّذْرِ عَنْ مُوَرِّثِهِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ
وَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ نَذْرِ أُمِّ سَعْدٍ، فَقِيلَ كَانَ صَوْمًا لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ الْبَطِينُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ» الْحَدِيثُ
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَنَّ الرَّجُلَ سَعْدٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ عِتْقًا، وَاسْتُدِلَّ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ، فَهَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ» وَقِيلَ: كَانَ صَدَقَةً، لِمَا رَوَاهُ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ «أَنَّ سَعْدًا خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لِأُمِّهِ أَوْصِي، قَالَتْ: الْمَالُ مَالُ سَعْدٍ، فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ» وَلَيْسَ فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَنَّهَا نَذَرَتْ
قَالَ عِيَاضٌ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ نَذْرُهَا فِي مَالٍ أَوْ مُبْهَمًا. وَظَاهِرُ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّهُ كَانَ مُعَيَّنًا عِنْدَ سَعْدٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ قَضَاءُ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ عَنْ الْمَيِّتِ، وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ مَالِيٌّ فَإِنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ إلَّا إنْ وَقَعَ النَّذْرُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ، وَشَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ مُطْلَقًا