للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

مِنْ طَرِيقِ إسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ بِلَالٍ عَنْ خَيْثَمَةَ وَصَحَّحَهُ. وَتُعُقِّبَ أَنَّ خَيْثَمَةَ لَيَّنَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَعَبْدُ الْأَعْلَى ضَعَّفَهُ الْجُمْهُورُ وَأَخْرَجَ الْحَدِيثَ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِلَفْظِ «مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ بِالشُّفَعَاءِ وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ»

وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الثَّانِي سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ وَسَنَدُهُ لَا مَطْعَنَ فِيهِ، فَإِنَّ أَبَا دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْعَظِيمِ أَبَا الْفَضْلِ شَيْخِ الشَّيْخَيْنِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، يَعْنِي الْيَمَامِيَّ، حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ الْيَمَامِيَّ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ نَجْدَةَ، يَعْنِي الْيَمَامِيَّ عَنْ جَدِّهِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي الَّذِي يُقَالُ لَهُ أَبُو كَثِيرٍ السُّحَيْمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرَهُ قَوْلُهُ: (أَوْ أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ

قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَالْحِكْمَةُ فِي أَنَّهُ لَا يُوَلِّي مَنْ يَسْأَلُ الْوِلَايَةَ أَنَّهُ يُوَكَّلُ إلَيْهَا وَلَا يَكُونُ مَعَهُ إعَانَةٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إعَانَةٌ لَا يَكُونُ كُفْئًا وَلَا يُوَلَّى غَيْرُ الْكُفْءِ لِأَنَّ فِيهِ تُهْمَةً قَوْلُهُ: (لَا تَسْأَلُ الْإِمَارَةَ) هَكَذَا فِي أَكْثَرِ طُرُقِ الْحَدِيثِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ " لَا تَتَمَنَّيَنَّ الْإِمَارَةَ " بِصِيغَةِ النَّهْيِ عَنْ التَّمَنِّي مُؤَكَّدًا بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالنَّهْيُ عَنْ التَّمَنِّي أَبْلَغُ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الطَّلَبِ قَوْلُهُ: (عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ) أَيْ سُؤَالٍ قَوْلُهُ " (وُكِلْت إلَيْهَا) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْكَافِ مُخَفَّفًا وَمُشَدَّدًا وَسُكُونِ اللَّامِ، وَمَعْنَى الْمُخَفَّفِ أَيْ صُرِفْت إلَيْهَا، وَكَلَ الْأَمْرَ إلَى فُلَانٍ: صَرَفَهُ إلَيْهِ، وَوَكَّلَهُ بِالتَّشْدِيدِ: اسْتَحْفَظَهُ. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ مَنْ طَلَبَ الْإِمَارَةَ فَأُعْطِيَهَا تُرِكَتْ إعَانَتُهُ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِ حِرْصِهِ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ طَلَبَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ مَكْرُوهٌ، فَيَدْخُلُ فِي الْإِمَارَةِ الْقَضَاءُ وَالْحِسْبَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَأَنَّ مَنْ حَرَصَ عَلَى ذَلِكَ لَا يُعَانُ

وَيُعَارِضُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورُ فِي آخِرَ الْبَابِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُعَانُ بِسَبَبِ طَلَبِهِ أَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْهُ الْعَدْلُ إذَا وَلِيَ أَوْ يُحْمَلُ الطَّلَبُ هُنَا عَلَى الْقَصْدِ وَهُنَاكَ عَلَى التَّوْلِيَةِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَإِذَا كَانَ الطَّالِبُ مَسْلُوبَ الْإِعَانَةِ تَوَرَّطَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ وَخَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ فَلَا تَحِلُّ تَوْلِيَةُ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ رُبَّمَا كَانَ الطَّالِبُ لَلْإِمَارَةِ مُرِيدًا بِهَا الظُّهُورَ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَالتَّنْكِيلَ بِهِمْ فَيَكُونُ فِي تَوْلِيَتِهِ مَفْسَدَةٌ عَظِيمَةٌ

قَالَ ابْنُ التِّينِ: مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ يُوسُفُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ} [يوسف: ٥٥] وَقَالَ سُلَيْمَانُ {وَهَبْ لِي مُلْكًا} [ص: ٣٥] قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ - انْتَهَى. قُلْت: ذَلِكَ لِوُثُوقِ الْأَنْبِيَاءِ بِأَنْفُسِهِمْ بِسَبَبِ الْعِصْمَةِ مِنْ الذُّنُوبِ. وَأَيْضًا لَا يُعَارِضُ الثَّابِتَ فِي شَرْعِنَا مَا كَانَ فِي شَرْعِ غَيْرِنَا، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الطَّلَبُ فِي شَرْعِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَائِغًا

وَأَمَّا سُؤَالُ سُلَيْمَانَ فَخَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ، إذْ مَحَلُّهُ سُؤَالُ الْمَخْلُوقِينَ لَا سُؤَالُ الْخَالِقِ، وَسُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنَّمَا سَأَلَ الْخَالِقَ قَوْلُهُ: (إنَّكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>