٣٦٢ - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
ــ
[نيل الأوطار]
الْكَلِمِ، وَخُتِمَ بِي النَّبِيُّونَ» فَيَحْصُلُ مِنْهُ وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ سَبْعُ خِصَالٍ. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ " فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَذَكَرَ خَصْلَةَ الْأَرْضِ، قَالَ: وَذَكَر خَصْلَةً أُخْرَى " وَهَذِهِ الْخَصْلَةُ الْمُبْهَمَةُ بَيَّنَهَا ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالنَّسَائِيُّ وَهِيَ «وَأُعْطِيتُ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ» يُشِير إلَى مَا حَطَّهُ اللَّهُ عَنْ أُمَّتِهِ مِنْ الْإِصْرِ، فَصَارَتْ الْخِصَالُ تِسْعًا.
وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ زِيَادَةٌ " أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ، وَسُمِّيتُ أَحْمَدَ، وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ " فَصَارَتْ الْخِصَالُ ثِنْتَيْ عَشَرَ خَصْلَةً. وَعِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: غُفِرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَمَا تَأَخَّرَ، وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ، وَأُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ، وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ لَصَاحِبُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَحْتَهُ آدَم فَمَنْ دُونَهُ» وَذَكَر ثِنْتَيْنِ مِمَّا تَقَدَّمَ وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِخَصْلَتَيْنِ: كَانَ شَيْطَانِي كَافِرًا فَأَعَانَنِي اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، قَالَ: وَنَسِيتُ الْأُخْرَى» فَيَنْتَظِمُ بِهَذَا سَبْعَ عَشْرَةَ خَصْلَةً. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُوجَدَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ أَمْعَنَ التَّتَبُّعَ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو سَعِيدٍ النَّيْسَابُورِيُّ فِي كِتَابِ شَرَفِ الْمُصْطَفَى أَنَّ الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِتُّونَ خَصْلَةً.
وَالْحَدِيثُ سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَلِاسْتِدْلَالِ بِهِ عَلَى تَعَيُّنِ التُّرَابِ لِلتَّصْرِيحِ فِي الْحَدِيثِ بِذِكْرِ التُّرَابِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ اشْتِرَاطِ دُخُولِ الْوَقْتِ لِلتَّيَمُّمِ قَوْلُهُ: (نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ لِغَيْرِهِ النَّصْرُ بِالرُّعْبِ، لَكِنْ فِي مَسِيرَةِ الشَّهْرِ الَّتِي وَرَدَ التَّقْيِيدُ بِهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي أَكْثَرَ مِنْهَا بِالْأُولَى.
وَأَمَّا دُونَهَا فَلَا، وَلَكِنْ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ فِي الْبُخَارِيِّ «وَنُصِرْتُ عَلَى الْعَدُوِّ بِالرُّعْبِ وَلَوْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مَسِيرَةُ شَهْرٍ» وَهِيَ تُشْعِرُ بِاخْتِصَاصِهِ بِهِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا جَعَلَ الْغَايَة شَهْرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ بَلَدِهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَعْدَائِهِ أَكْثَرُ مِنْهُ. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَهَلْ هِيَ حَاصِلَةٌ لِأُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ؟ فِيهِ احْتِمَالٌ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ عَنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِلَفْظِ: " وَالرُّعْبُ يَسْعَى بَيْنَ يَدَيْ أُمَّتِي شَهْرًا " قَوْلُهُ: (وَأُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ) هِيَ مَا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ مِنْ افْتِتَاحِ الْبِلَادِ الْمُمْتَنِعَةِ وَالْكَفُورِ الْمُتَعَذِّرَةِ. قَوْلُهُ: (وَجُعِلَتْ أُمَّتِي خَيْرَ الْأُمَمِ) هُوَ مِثْلُ مَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute