٣٦٤ - (وَعَنْ عَمَّارٍ قَالَ: «أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبْ الْمَاءَ، فَتَمَعَّكْتُ فِي الصَّعِيدِ وَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: إنَّمَا يَكْفِيكَ هَكَذَا، وَضَرَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ وَنَفَخَ فِيهِمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ: «إنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِكَفَّيْكَ فِي التُّرَابِ، ثُمَّ تَنْفُخُ فِيهِمَا، ثُمَّ تَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ إلَى الرُّصْغَيْنِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) .
ــ
[نيل الأوطار]
وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَرْقَمَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا مِنْ وَجْه آخَرَ بِلَفْظِ حَدِيثِ ابْنِ ظَبْيَانَ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: حَدِيثٌ بَاطِلٌ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ، وَفِيهِ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ أَحَدٌ، نَعَمْ رِوَايَتُهُ شَاذَّةٌ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ بَعْدَ رِوَايَةِ حَدِيثِ جَابِرٍ: كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَالصَّوَابُ مَوْقُوفٌ. وَفِي الْبَابِ عَنْ الْأَسْلَعِ بْنِ شَرِيكٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَفِيهِ الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَابْنُ عَدِيٍّ، وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ الْحَرِيشُ بْنُ الْخِرِّيتِ وَلَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ. وَعَنْ عَمَّارٍ رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ أَحَادِيثَهُ الصِّحَاحَ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: «إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ مَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ ضَعِيفِ؛ لِأَنَّ مَدَارَهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ وَقَدْ ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَالْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ. قَالَ أَبُو دَاوُد: لَمْ يُتَابِعْ مُحَمَّدَ بْنَ ثَابِتٍ أَحَدٌ، وَبِهَذَا يَتَبَيَّن لَكَ أَنَّ أَحَادِيثَ الضَّرْبَتَيْنِ لَا تَخْلُو جَمِيعُ طُرُقِهَا مِنْ مَقَالٍ، وَلَوْ صَحَّتْ لَكَانَ الْأَخْذُ بِهَا مُتَعَيَّنًا لِمَا فِيهَا مِنْ الزِّيَادَةِ، فَالْحَقُّ الْوُقُوفُ عَلَى مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى تَصِحَّ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ. وَأَمَّا أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ فَلَمْ أَقِفْ لَهُمْ عَلَى مَا يَصْلُحُ مُتَمَسَّكًا لِلْوُجُوبِ بَلْ قَالَ الْإِمَامُ يَحْيَى: إنَّهُ لَا دَلِيلَ يَدُلُّ عَلَى نَدْبِيَّةِ التَّثْلِيثِ فِي التَّيَمُّمِ، وَقَوَّى ذَلِكَ الْإِمَامُ الْمَهْدِيُّ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ.
وَفِي لَفْظٍ: «إنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِكَفَّيْكَ فِي التُّرَابِ، ثُمَّ تَنْفُخُ فِيهِمَا، ثُمَّ تَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ إلَى الرُّصْغَيْنِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) . قَوْلُهُ: (فَتَمَعَّكْتُ) وَفِي رِوَايَةٍ " فَتَمَرَّغْتُ " أَيْ تَقَلَّبْتُ قَوْلُهُ: (إنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّيَمُّمِ هِيَ الصِّفَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: (وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ) الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يُقْتَصَرُ فِي مَسْحِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْكَفَّيْنِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَطَاءٌ وَمَكْحُولٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute