للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٩٣ - (وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «فُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَوَاتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ خَمْسِينَ، ثُمَّ نَقَصَتْ حَتَّى جُعِلَتْ خَمْسًا، ثُمَّ نُودِيَ يَا مُحَمَّدُ إنَّهُ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، وَإِنَّ لَكَ بِهَذِهِ الْخَمْسِ خَمْسِينَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)

٣٩٤ - (وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ هَاجَرَ فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا وَتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْأَوَّلِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ)

ــ

[نيل الأوطار]

بُنِيَ الْإِسْلَامُ " الْحَدِيثَ. فَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى خَمْسٍ لَيْسَ هُوَ مِنْهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي مَعْرِفَةِ الدِّينِ وَعَلَيْهِ اعْتِمَادُهُ وَقَدْ جَمَعَ أَرْكَانَهُ.

٣٩٣ - (وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «فُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَوَاتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ خَمْسِينَ، ثُمَّ نَقَصَتْ حَتَّى جُعِلَتْ خَمْسًا، ثُمَّ نُودِيَ يَا مُحَمَّدُ إنَّهُ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ، وَإِنَّ لَكَ بِهَذِهِ الْخَمْسِ خَمْسِينَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) . الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِ: " هِيَ خَمْسٌ " وَبِلَفْظِ: " هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ " وَالْمُرَاد أَنَّهَا خَمْسٌ فِي الْعَدَدِ خَمْسُونَ فِي الْأَجْرِ وَالِاعْتِدَادِ. وَالْحَدِيثُ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ الطَّوِيلِ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى عَدَمِ فَرْضِيَّةِ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسِ الصَّلَوَاتِ كَالْوِتْرِ، وَعَلَى دُخُولِ النَّسْخِ فِي الْإِنْشَاءَاتِ، وَلَوْ كَانَتْ مُؤَكَّدَة، خِلَافًا لِقَوْمٍ فِيمَا أُكِّدَ. وَعَلَى جَوَازِ النَّسْخِ قَبْلَ الْفِعْلِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَتْ الْأَشَاعِرَةُ.

قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ فِي بَيَانِ وَجْهِ الدَّلَالَةِ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - نَسَخَ الْخَمْسِينَ بِالْخَمْسِ قَبْل أَنْ تُصَلَّى ثُمَّ تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِأَنْ أَكْمَلَ لَهُمْ الثَّوَابَ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ فَقَالَ: هَذَا ذَكَرَهُ طَوَائِفُ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ وَالشُّرَّاحِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَنْ أَثْبَتَ النَّسْخَ قَبْلَ الْفِعْلِ كَالْأَشَاعِرَةِ أَوْ مَنَعَهُ كَالْمُعْتَزِلَةِ، لِكَوْنِهِمْ اتَّفَقُوا جَمِيعًا عَلَى أَنَّ النَّسْخَ لَا يُتَصَوَّر قَبْلَ الْبَلَاغِ، وَحَدِيث الْإِسْرَاءِ وَقَعَ فِيهِ النَّسْخُ قَبْلَ الْبَلَاغِ فَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، قَالَ: وَهَذِهِ نُكْتَة مُبْتَكَرَةٌ. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: قُلْتُ إنْ أَرَادَ قَبْلَ الْبَلَاغِ لِكُلِّ أَحَدٍ فَمَمْنُوعٌ، وَإِنْ أَرَادَ قَبْلَ الْبَلَاغِ إلَى الْأُمَّةِ فَمُسَلَّمٌ، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَيْسَ هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمْ نَسْخًا لَكِنْ هُوَ نَسْخٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ كُلِّفَ بِذَلِكَ قَطْعًا ثُمَّ نُسِخَ بَعْد أَنْ بَلَغَهُ وَقَبْل أَنْ يَفْعَل، فَالْمَسْأَلَة صَحِيحَة التَّصْوِير فِي حَقّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

٣٩٤ - (وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ هَاجَرَ فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا وَتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْأَوَّلِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ) . زَادَ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ كَيْسَانَ إلَّا الْمَغْرِبَ: (فَإِنَّهَا كَانَتْ ثَلَاثًا) . وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْقَصْرِ، وَأَنَّهُ عَزِيمَةٌ لَا رُخْصَةٌ، وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْهَادَوِيَّةُ، وَاحْتَجَّ مُخَالِفُوهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ - {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} [النساء: ١٠١]- وَنَفْيُ الْجُنَاحِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَزِيمَةِ، وَالْقَصْرُ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ شَيْءٍ أَطْوَلَ مِنْهُ.

قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةٌ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ» وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>