٤٥٠ - (وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا بِلَالُ اجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ نَفَسًا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ طَعَامِهِ فِي مَهَلٍ وَيَقْضِي الْمُتَوَضِّئُ حَاجَتَهُ فِي مَهَلٍ» رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي الْمُسْنَدِ) .
ــ
[نيل الأوطار]
قَوْلُهُ: (أَلَا أُعَجِّبُكَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ مِنْ التَّعَجُّبِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ أَبِي تَمِيمٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ الْجَيَشَانِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ تَابِعِيٌّ كَبِيرٌ مُخَضْرَمٌ أَسْلَمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ عَدَّهُ جَمَاعَةٌ فِي الصَّحَابَةِ. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ: إنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُمَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ؛ لِأَنَّ أَبَا تَمِيمٍ تَابِعِيٌّ وَقَدْ فَعَلَهُمَا. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) هَذِهِ الصِّيغَةُ فِيهَا خِلَافٌ مَذْكُورٌ فِي الْأُصُولِ وَعِلْمِ الِاصْطِلَاحِ هَلْ لَهَا حُكْمُ الرَّفْعِ وَهَلْ تُشْعِرُ بِاطِّلَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ فَلْيُطْلَبْ مِنْ مَوْضِعِهِ.
الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَقَدْ أَخْرَجَ نَحْوَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِزِيَادَةٍ «وَالْمُعْتَصِرُ إذَا دَخَلَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمُنْعِمِ وَإِسْنَادُهُ مَجْهُولٌ انْتَهَى.
وَفِي إسْنَادِهِ ضَعِيفَانِ يَرْوِيهِ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، فَأَوَّلُهُمَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنِ نُعَيْمٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ حِبَّانَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ. وَثَانِيهِمَا يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ وَهُوَ الْبَكَّاءُ بَصْرِيٌّ لَمْ يَرْضَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِذَلِكَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكٌ وَفِيهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَلْمَانَ أَخْرَجَهُمَا أَبُو الشَّيْخِ وَكُلُّهَا وَاهِيَةٌ، قَالَ الْحَاكِمُ: لَيْسَ فِي إسْنَادِهِ مَطْعُونٌ غَيْرُ عَمْرِو بْنِ فَائِدٍ قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ يَقَعْ إلَّا فِي رِوَايَتِهِ هُوَ، وَلَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ الْبَاقِينَ لَكِنَّ فِيهِ عَبْدُ الْمُنْعِمِ صَاحِبُ الشِّفَاءِ وَهُوَ كَافٍ فِي تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ انْتَهَى.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَكَرَاهَةِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَفْوِيتِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْمُرِيدِينَ لَهَا؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى طَعَامِهِ أَوْ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ حَالَ النِّدَاءِ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى أَكْلِ الطَّعَامِ أَوْ تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ أَوْ بَعْضُهَا بِسَبَبِ التَّعْجِيلِ وَعَدَمِ الْفَصْلِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مَسْكَنُهُ بَعِيدًا مِنْ مَسْجِدِ الْجَمَاعَةِ، فَالتَّرَاخِي بِالْإِقَامَةِ نَوْعٌ مِنْ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى الْمَنْدُوبِ إلَيْهَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَكُلُّ هَذِهِ الْأَخْبَارِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْمَغْرِبِ وَقْتَيْنِ وَأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ أَذَانِهَا وَإِقَامَتِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute