للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٨٠ - (وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: «ذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَوْمَهُمْ عَنْ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ)

ــ

[نيل الأوطار]

فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ عِنْدَ ذِكْرِهَا وَعَدَمِ وُجُوبِ إعَادَتِهَا عِنْدَ حُضُورِ وَقْتِهَا مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ مِنْ آخِرِ هَذَا الْبَابِ. وَالْأَمْرُ بِفِعْلِهَا عِنْدَ الذِّكْرِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ بِهَا فَيَكُونُ حُجَّةً لِمَذْهَبِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ الْهَادِي وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَالنَّاصِرُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَالْمُزَنِيِّ وَالْكَرْخِيُّ.

وَقَالَ الْقَاسِمُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَرُوِيَ عَنْ الْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَاسْتَدَلُّوا فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ بِمَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ نَوْمِ الْوَادِي مِنْ «أَنَّهُ لَمَّا اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ فَوَاتِ الصَّلَاةِ بِالنَّوْمِ أَخَّرَ قَضَاءَهَا وَاقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ حَتَّى خَرَجُوا مِنْ الْوَادِي» وَرُدَّ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ لِمَانِعٍ آخَرَ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْوَادِي كَانَ بِهِ شَيْطَانٌ، وَلِأَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ حُجَجٌ غَيْر مُخْتَصَّةٍ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْقَوْلِ الْآخَرِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَتْرُوكَةَ فِي وَقْتِهَا لِعُذْرِ النَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ لَا يَكُونُ فِعْلُهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا الْمُقَدَّرِ لَهَا لِهَذَا الْعُذْرِ قَضَاءً، وَإِنْ لَزِمَ ذَلِكَ بِاصْطِلَاحِ الْأُصُولِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْأَدِلَّةِ أَنَّهَا أَدَاءٌ لَا قَضَاءٌ، فَالْوَاجِبُ الْوُقُوفُ عِنْدَ مُقْتَضَى الْأَدِلَّةِ حَتَّى يَنْتَهِضَ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى الْقَضَاءِ. وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ عَلَى وُجُوبِ فِعْلِ الصَّلَاةِ إذَا مَا فَاتَتْ بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ وَهُوَ إجْمَاعٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: وَفِيهِ أَنَّ الْفَوَائِتَ يَجِبُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَأَنَّهَا تُقْضَى فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَغَيْرِهَا، وَأَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ فَإِنَّهَا لَا تُقْضَى عَنْهُ وَلَا يُطْعَمُ عَنْهُ لَهَا لِقَوْلِهِ: «لَا كَفَّارَةَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ» وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ نَسْخُهُ انْتَهَى.

٤٨٠ - (وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: «ذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَوْمَهُمْ عَنْ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِهِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِنَحْوِهِ فِي قِصَّةِ نَوْمِهِمْ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَلَفْظُهُ: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حَتَّى يَنْتَبِهَ لَهَا فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْد وَقْتِهَا» الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّائِمَ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ حَالَ نَوْمِهِ وَهُوَ إجْمَاعٌ وَلَا يُنَافِيهِ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ مَا أَتْلَفَهُ وَإِلْزَامُهُ أَرْشَ مَا جَنَاهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْوَضْعِيَّةِ لَا التَّكْلِيفِيَّةِ، وَأَحْكَامُ الْوَضْعِ تَلْزَمُ النَّائِمَ وَالصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ بِالِاتِّفَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>