للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٨٦ - (وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

ــ

[نيل الأوطار]

وَالْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُد كَذَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ، وَقَدْ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْهُمْ تَفْصِيلًا فِي ذَلِكَ فَحَكَى عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَاجِبَانِ مَعًا لَا يَنُوبُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَإِنْ تَرَكَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُعِيدُ إنْ كَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ بَاقِيًا، وَإِلَّا لَمْ يُعِدْ، وَقَالَ عَطَاءٌ: الْإِقَامَةُ وَاجِبَةٌ دُونَ الْأَذَانِ فَإِنْ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ أَجْزَأَهُ وَلِغَيْرِ عُذْرٍ قَضَى.

وَفِي الْبَحْرِ أَنَّ الْقَائِلَ بِوُجُوبِ الْإِقَامَةِ دُونَ الْأَذَانِ الْأَوْزَاعِيُّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ الْأَذَانَ وَاجِبٌ دُونَ الْإِقَامَةِ.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُمَا سُنَّةٌ. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، الْأَوَّلُ: أَنَّهُمَا سُنَّةٌ.

الثَّانِي: فَرْضُ كِفَايَةٍ.

الثَّالِثُ: سُنَّةٌ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَفَرْضُ كِفَايَةٍ فِيهَا وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُمَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَاجِبَةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْأَذَانُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ

وَمِنْ أَدِلَّةِ الْمُوجِبِينَ لِلْأَذَانِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ الْآتِي. «فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ» .

وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «فَأَذِّنَا ثُمَّ أَقِيمَا» . وَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ بِلَفْظِ: «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» وَالْآمِرُ لَهُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا سَيَأْتِي. وَمِنْهَا مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْآتِي مِنْ قَوْلِهِ: «إنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَمَرَ بِالتَّأْذِينِ» . وَمَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: «اتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا» .

وَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ: «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَغْزَى بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِمْ» وَمِنْهَا طُولُ الْمُلَازَمَةِ مِنْ أَوَّلِ الْهِجْرَةِ إلَى الْمَوْتِ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ إلَّا يَوْمَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَدْ صَحَّحَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ لَمْ يُؤَذِّنْ فِيهَا وَإِنَّمَا أَقَامَ

عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهَا فِي جَمْعٍ بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ» وَبِهَذَا التَّرْكِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، وَخَصَّ بَعْضُ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ الرِّجَالَ بِوُجُوبِهِمَا وَلَمْ يُوجِبْهُمَا عَلَى النِّسَاءِ اسْتِدْلَالًا بِحَدِيثِ: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ» عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا يُعْرَفُ مَرْفُوعًا. وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ مَرْفُوعًا، وَفِي إسْنَادِهِ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَيْلِيُّ وَفِيهِ ضَعْفٌ جِدَّا. وَبِحَدِيثِ «النِّسَاءُ عَيٌّ وَعَوْرَاتٌ فَاسْتُرُوا عَيَّهُنَّ بِالسُّكُوتِ وَعَوْرَاتِهِنَّ بِالْبُيُوتِ» .

٤٨٦ - (وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

قَوْلُهُ: (أَحَدُكُمْ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ السِّنُّ وَالْفَضْلُ فِي الْأَذَانِ كَمَا يُعْتَبَرُ فِي إمَامَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>